للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من غير الله فما معنى الشبهة؟) ١.

وأما الرد على دعواهم بأنه لا فرق بين الحي والميت؛ لأن الميت له حياة في قبره، وله إدراك وشعور، فإذا كان لا فرق بينهما. فيجوز التوسل، والاستغاثة بالأموات، والأحياء دون تفريق، فإن الرد على تلك الدعوى يكون على النحو التالي:

يوضح الشيخ أبو بطين بطلان دعواهم، وتناقضهم فيها، مع بيان الحق في تلك المسألة، فيقول:

(فمن سوى بين الحي والميت بقوله يطلب من الميت ما يطلب من الحي، فقد سوى بين ما فرق الله والناس بينهما، حتى المجانين يعرفون الفرق بين الحي والميت) ٢.

(ويقال لهذا المساوي بين الأحياء والأموات، من المعلوم أن أهل الدنيا يستقضون حوائج بعضهم من بعض، برهم وفاجرهم، مسلمهم وكافرهم وقد استعار النبي صلى الله عليه وسلم أدرعاً من صفوان بن أمية وهو مشرك، وما زال المسلمون يستقضون حوائجهم من المسلم، والذمي، والبر، والفاجر، فيلزم المساوي بين الأحياء والأموات أن يساوي بين أموات المذكورين كما كانوا في الدنيا كذلك، فإن قال طلب الحاجات مختص بموتى الصالحين، فلا يجوز طلبها من موتى الكفار والفساق قيل له نقضت أصلك، حيث فرقت بين أحياء هؤلاء، وأمواتهم. فإن قال موتى الصالحين أحياء في قبورهم كما زعم، فهو كاذب في ذلك، ولم يرد في ذلك حديث إلا ما أخبر الله عن حياة الشهداء مع أن حياتهم لا تدرك بالحس، ولا بالعقل فالله سبحانه أعلم بحقيقتها، وأما سوى الشهداء غير الأنبياء، فلم يأت خبر عن الرسول أنهم أحياء في قبورهم، وإنما هو افتراء وكذب ... فإن قال: أن صالحي الأموات ينعمون في البرزخ، قيل له وضدهم يعذبون فيدركون العذاب كما يدرك الصالح النعيم. وهذا إدراك، وإحساس لا يعلم حقيقته إلا الله) ٣.

ويؤكد الشيخ صالح الشثري بداهة الفرق بين الطلب من الحي وبين الطلب من الميت، فقال:

(من المعلوم بالفطرة السليمة، وإن كان جاهلا يفرق بين الطلب من الحي الحاضر


١ "كشف غياهب الظلام"، ٢٠٥.
٢ "تأسيس التقديس"، ص ٥٤.
٣ "تأسيس التقديس"، ص ٥٩،٦٠ باختصار يسير.

<<  <   >  >>