للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فاكتفى منهم بتوحيد الربوبية، ومن المعلوم أن من أقر له بالربوبية فقد أقر له بالألوهية، إذ ليس الرب غير الإله بل هو الإله بعينه. ومن العجب العجاب قول المدعي الكذاب لمن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله من أهل القبلة أنت لم تعرف، التوحيد نوعان: توحيد الربوبية الذي أقرت به المشركون والكفار، وتوحيد الألوهية الذي أقرت به الحنفاء وهو الذي يدخلك في دين الإسلام.

وأما توحيد الربوبية فلا، فيا عجبا هل للكافر توحيد صحيح، فإنه لو كان توحيده صحيحا لأخرجه من النار، إذ لا يبقى فيها موحد كما صرحت به الأحاديث) ١.

ويورد محسن بن عبد الكريم قول أحد أسلافه، وهو عبد الله بن عيسى حيث يقول معترضا على هذا التقسيم:

(ثم إن المخالف- يعني ابن عبد الوهاب- جعل التوحيد توحيدين توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، فقال: إن الأول اعترف به المشركون، وأما الثاني فلم يعترفوا به، وجعل توحيد الإلهية راجعا إلى العبادة، ولا نعلم سلفاً له في هذا، ونحن لا نسلم الفرق، بل توحيد الربوبية هو توحيد الألوهية، إذ الصفة لا تزول عن الموصوف، فرب السماوات والأرض إلههما ... ) ٢.

ثم ينكر ابن عيسى إقرار مشركي العرب بتوحيد الربوبية مستدلا بقوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُوراً} ٣.

ثم قال ابن عيسى: (فلم يكن مشركوا العرب مقرين بالأحدية والربوبية كما زعم..) ٤.

ويقول داود بن جرجيس حول هذا التقسيم:

(إن هذه الشبهة هي التي غرّ بها إبليس هؤلاء وأشباههم، فإذا رأيت جوانها سقطت، وتبين المؤمن من الكافر، والموحد من المشرك، فاعلم أن الكفار كانوا مشركين بالله تعالى أصنامهم في الربوبية والعبادة.. فمن قال أن الكفار كانوا يوحدون الله


١ "مصباح الآنام"، ص١٧.
٢ "لفحات الوجد"، ق٢٣، ٢٤.
٣ سورة الفرقان آية: ٦٠.
٤ "لفحات الوجد"، ق٢٤.

<<  <   >  >>