للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن أمثلة هذه المفاهيم المغلوطة:

- الظن بأنّ شرْب الماء واقفاً لا يجوز مطلقاً، وأنه لا يجوز إلا قاعداً؛ وقد ورد الأمران عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا بغضّ النظر عما يمكن أن يستنبطه الفقيه من حُكْمٍ من الروايات في هذا.

- ومن ذلك: الظن بأنّ صلاة ركعتين قبل المغرب واجبةٌ، فقد أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم مؤكِّداً: "صَلُّوا قبل المغرب ركعتين، صلُّوا قبل المغرب ركعتين".

وقال في الثالثة: "لمن شاء" ١ فمن فعلها فقد أحسن، ومن تركها فلا حرج؛ فلا يَصِحُّ أن يَظنَّ أحدٌ بعد هذا أنّ الأمر للوجوب.

- ومن ذلك: التضييق في مسألة: الدعاء وألفاظه في كثيرٍ من مواضعه وأحواله، فإن ذلك التضييق ليس عليه دليل صحيح؛ ومعلومٌ أنّ في الدعاء ألفاظاً مأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هي أفضل ما يمكن أن يدعو به الإنسان، ولكن لا حرج أن يدعو الإنسان بسواها، بل قد قال النبي صلى الله عليه وسلم في تعليمه للتشهد: "ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو٢". نَعَمْ هكذا في الصلاة يدعو في هذا الموضع بما شاء بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن لا يُدْرِكُ هذا المعنى مَنْ يظن أن السنّة لا تكون إلاّ شيئاً واحداً، وحالة واحدة، وصورة واحدة، في كل الأحوال، وأنها دائماً في نظره لا تَعني إلا التحديد دون التخيير، في كل أمر من الأمور!.


١ أخرجه البخاري: ١٩- كتاب التهجد، ٣٥- باب الصلاة قبل المغرب، الفتح: ٣/٥٩، ويُنظَر: مسلم: ٦- كتاب صلاة المسافرين، ح ٣٠٢-٣٠٤.
٢ أخرجه البخاري: ١٠- كتاب الأذان، ١٥٠- باب ما يتخيّر من الدعاء بعد التشهد، وليس بواجب، من حديث عبد الله بن مسعود، الفتح ٢/٣٢٠.

<<  <   >  >>