للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - الظاهرية في الفهم:

مِن الناس مَن تَخْدعُهُ الظاهرية في الفهم؛ فيقع في أنماطٍ متعدِّدةٍ مِن هذه الظاهرية تجاه الأخذ بالسنّة، ومِن ذلك:

أ- أَنْ ترى بعض الناس عنده ظاهرية في فهم السنة، إذ لا يفهمها إلاّ أنها في الأعمال الظاهرة، ولعلّ أهمَّها في نظره اللحيةُ١ وتقصيرُ الثوب٢. وإذا نظر إلى مَنْ أتى بهذه فوجده متحلياً بها قال: إنه متّبع للسنّة في حياته، ونسي ما وراء ذلك!! كأنه لا يعلم أن السنّة المتصلة بالمظهر إنما يجب أن تكون دلالات صادقةً على السنن المتصلة بالقلب، وكأنه لا يعلم أن مِنَ


١ ولسنا في حاجة إلى التذكير، أو تأكيد أهمية السنّة الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم، فاللحية سنّة مؤكَّدة، وإعفاؤها واجب، وقد صح بها الأمر منه صلى الله عليه وسلم في غير ما حديث، ولكن الكلام هنا ليس عن هذا الموضوع، وإنما هو عن مسألة التطبيق.
٢ الغلوّ في تقصير الثوب ليس سنّةً، وإنْ زعَمَه مَن زعَمَهُ، وإنْ حَرِص عليه مَن حَرِص باسم السنّة، وللشيخ بكر أبو زيد رسالةٌ قَيّمةٌ في هذا الموضوع، عنوانها: حَدُّ الثّوب والأُزرة وتحريم الإسبال ولباس الشُّهرة، انتهى فيها إلى التفريق بين حدِّ الثوب وحدِّ الإزار، بجامع المحافظة على ستْر العورة الواجب سترها؛ فلا تُقام سنَّةٌ مع تضييع واجب. وبَنَى الأمر على الأحاديث وفقْهها؛ فقرر بأنّ السنّة في حدّ الثوب مِن تحت نصف الساق إلى الكعبين، وأن كلّ ذلك سنّةٌ في الثوب، وأن التقصير أكثر مِن ذلك ليس عليه دليل، ويترتب عليه انكشاف العورة، وأنّ ما ورد مِن الأحاديث في حدّ ذلك إلى عضلة الساق-أي فوق منتصف الساق بقليل-إنما هو بالنسبة للإزار لا الثوب.
قلت: على أنّ الأمرَ في هذا جوازيّ إلى الكعبين؛ فلماذا الامتناع مِن ذلك؟! ولماذا الإنكار على مَن فعلَ ما يجوز له بنصّ الأحاديث الثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟!. ولا أدري ما الفرق بين مخالفة المخالِف للشرع في هذا الأمر بتشميرٍ أو بإسبال؟!.

<<  <   >  >>