للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

علماء الإسلام، إلا ما تنازع فيه شذوذ الناس.

المثال الرابع:

الجهر بالبسملة والمخافتة كلاهما جائز، لا يبطل الصلاة، وإن كان من العلماء من يستحب أحدهما، أو يكره الآخر، أو يختار أن لا يقرأ بها.

فالمنازعة بينهم في المستحب، وإلا فالصلاة بأحدهما جائزة عند عامة العلماء، فإنهم وإن تنازعوا بالجهر والمخافتة في موضعهما: هل هما واجبان أم لا؟ وفيه نزاع معروف في مذهب مالك وأحمد وغيرهما، فهذا في الجهر الطويل بالقدر الكثير، مثل المخافتة بقرآن الفجر والجهر بقراءة صلاة الظهر.

فأما الجهر بالشيء اليسير أو المخافتة به فمما لا ينبغي لأحد أن يبطل الصلاة بذلك، وما أعلم أحداً قال به، فقد ثبت في الصحيحين١ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان في صلاة المخافتة يُسمعهم الآية أحياناً٢.


١ أخرجه البخاري في: ١٠-الأذان، ٩٧-باب القراءة في العصر، عن أبي قتادة الفتح: ٢/٢٤٦ وأخرجه في مواضع أُخر. ومسلم في ٤-الصلاة ح١٥٥ ١/٣٣٣.
٢ ذَكَر الإمام ابن تيمية هنا أدلةً أخرى على هذا الأمر، فقال: وفي صحيح البخاري عن رفاعة بن رافع الزرقي قال: كنا نصلي وراء النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رفع رأسه من الركعة قال: سمع الله لمن حمده. قال رجل وراءه: ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه. فلما انصرف قال: "من المتكلم؟ ". قال: أنا. قال: "رأيتُ بضعة وثلاثين مَلَكاً يبتدرونها أيهم يكتبها أولُ". ومعلومٌ أنه لولا جهره بها لما سمعه النبي صلى الله عليه وسلم، ولا الراوي، ومعلومٌ أن المستحب للمأموم المخافتة بمثل ذلك. البخاري في: ١٠-الأذان، باب رقم ١٢٦ الفتح: ٢/٢٨٤.
وكذلك ثبت في الصحيح: عن عمر أنه كان يجهر بدعاء الاستفتاح: "سبحانك اللهم = وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك"، وهذا فعله بين المهاجرين والأنصار، والسنّة الراتبة فيه: المخافتة. صحيح الإمام مسلم: ٤-كتاب الصلاة، ١٣-باب حجة من قال: لا يجهر بالبسملة، ح٥٢.
وكذلك كان من الصحابة من يجهر بالاستعاذة.
وفي الصحيح عن ابن عباس أنه جهر بقراءة الفاتحة على الجنازة، وقال: لتعلموا أنها السنّة. ولهذا نظائر. البخاري: ٢٣-الجنائز، ٦٥-باب قراءة فاتحة الكتاب على الجنازة، "الفتح: ٣/٢٠٣".

<<  <   >  >>