للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولو كان أحدهما أفضل لم يجز أن يُظْلم مَنْ يختار المفضول، ولا يُذَمّ، ولا يُعاب، بإجماع المسلمين. بل المجتهد المخطئ لا يجوز ذمه بإجماع المسلمين.

- القاعدة الثالثة: لا يجوز أن يُعْطَى الحُكم الفرعيّ فوق حقه، ولا أن يُنْقَصَ عنه:

ولا يجوز التفرّق بذلك بين الأمة.

ولا أن يُعطى المستحب فوق حقه، فإنه قد يكون مَنْ أتى بغير ذلك المستحب من أمورٍ أخرى واجبة ومستحبة أفضلَ بكثير.

ولا يجوز أن تُجعل المستحبات بمنزلة الواجبات، بحيث يمتنع الرجل مِنْ تركها، وَيَرى أنه قد خرج من دينه، أو عصى الله ورسوله، بل قد يكون تَرْك المستحبات لمعارضٍ راجح أفضلَ من فعلها، بل الواجبات كذلك.

- القاعدة الرابعة: مراعاة ائتلاف القلوب يُقَدَّم على بعض المستحبات:

ومعلوم أن ائتلاف قلوب الأمة أعظم في الدين من بعض هذه المستحبات، فلو تركها المرء لائتلاف القلوب كان ذلك حسناً، وذلك أفضل إذا كان مصلحة ائتلاف القلوب دون مصلحة ذلك المستحب.

وقد أخرجا في الصحيحين١ عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: "لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية، لنقضت الكعبة، ولألصقتها بالأرض، ولجعلت


١ أخرجه البخاري في: ٣-العلم، ٤٨-باب من ترك بعض الاختيار مخافةَ أن يَقْصُرَ فهم بعض الناس عنه فيقعوا في أشد منه الفتح: ١/٢٢٤. ومسلم في: ١٥-الحج، ح:٣٩٨، فما بعده ٢/٩٦٨-٩٧٢.

<<  <   >  >>