للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المثال الرابع:

كيفيّة حجّة الوداع، فإنها وإن اشتبهت على كثير من الناس، فإنما أُتوا من جهة الألفاظ المشتركة، حيث سمعوا بعض الصحابة يقول: إنه تمتع بالعمرة إلى الحج وهؤلاء أيضاً يقولون: إنه أفرد الحج، ويقول بعضهم: إنه قرن العمرة إلى الحج. ولا خلاف في ذلك؛ فإنهم لم يختلفوا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحل من إحرامه، وأنه كان قد ساق الهدي، ونحره يوم النحر، وأنه لم يعتمر بعد الحجة في ذلك العام، لا هو ولا أحد من أصحابه، إلا عائشة أمر أخاها أن يُعْمِرها من التنعيم أدنى الحِلّ.

وكذلك الأحاديث الصحيحة عنه، فيها أنه لم يَطُفْ بالصفا والمروة إلا مرة واحدة مع طوافه الأول.

فالذين نقلوا أنه أفرد الحج صدقوا لأنه أفرد أعمال الحج، لم يَقْرِن بها عمل العمرة كما يَتَوهم مَنْ يقول: إن القارن يطوف طوافين ويسعى سعيين، ولم يتمتع تمتعاً حَلّ به من إحرامه كما يفعله المتمتع الذي لم يسق الهدي، بل قد أمر جميع أصحابه الذين لم يسوقوا الهدي أن يحلوا من إحرامهم ويجعلوها عمرة، ويُهِلوا بالحج بعد قضاء عمرتهم".

<<  <   >  >>