للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جـ - اختلاف المسالك العلمية:

وكذلك في العلم: من العلماء من يسلك بالاتباع طريقة ذلك العالِم، فتكون هي شرعهم، حتى يسمعوا كلام غيره ويروا طريقته، فيرجح الراجح منهما، فتتنوّع في حقهم الأقوال والأفعال السالفة لهم من هذا الوجه.

وهم مأمورون بأن يقيموا الدين، ولا يتفرقوا فيه، كما أمرت الرسل بذلك، ومأمورون بأن لا يفرقوا بين الأمة، بل هي أمة واحدة، كما أُمِرَتِ الرسل بذلك، وهؤلاء آكد؛ فإن هؤلاء تجمعهم الشريعة الواحدة والكتاب الواحد، وأما القدْر الذي تنازعوا فيه فلا يقال: إن الله أمر كلاً منهم باطناً وظاهراً بالتمسك بما هو عليه، كما أمر بذلك الأنبياء -وإن كان هذا قول طائفة من أهل الكلام- فإنما يقال: إن الله أمر كلاً منهم أن يطلب الحق بقدْر وسعه وإمكانه، فإن أصابه وإلا فلا يكلّف الله نفساً إلاّ وسعها، وقد قال المؤمنون: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} ١.

وقال الله: قد فعلت٢.

وقال تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيْمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ} ٣:

- فمَنْ ذَمَّهم ولامهم على ما لم يؤاخذهم الله عليه فقد اعتدى.

- ومن أراد أن يجعل أقوالهم وأفعالهم بمنزلة قول المعصوم وفعله،


١ ٢٨٦: البقرة: ٢.
٢ يُنْظر: صحيح مسلم: ١-الإيمان ح: ١١٩، ١/١١٥-١١٦.
٣ ٥: الأحزاب: ٣٣. وفي المطبوع: {ولا جناح عليكم ... } وهو خطأ.

<<  <   >  >>