للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وللقرآن تنزلان؛ الأول: نزوله جملة واحدة في ليلة القدر إلى بيت العزة من السماء الدنيا، عن ابن عباس قال:" أنزل القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا ليلة القدر" (١) .

والثاني: نزولهُ من السماء إلى الأرض مفرقاً في ثلاث وعشرين سنة، قال الله تعالى: {وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً} [الإسراء: ١٠٦] .

ودعوى "التطور" المنسوبة للآيات بقوله: "تطورت أحكام الجهاد والغنائم وغيرها في السور المدنية" دعوى مخالفة لكيفية تنزل القرآن الكريم من الله تعالى، وهي تُغْفل جانباً هاماً من الجوانب ألا وهو "أسباب النزول" يعني: تنزل القرآن وفق الأحداث، وقد اعتنى الباحثون في علوم القرآن بمعرفة"أسباب النزول" ولمسوا شدة الحاجة إليه، وفي ضوئه يمكن تحقيق إصابة التفسير للآية الكريمة، وكشف الغموض الذي يكتنف بعض الآيات.

ولا شك أن من القرآن ما هو مكي ومنه ما هو مدني، وقد عُني العلماء بتحقيق المكي والمدني عناية فائقة، فتتبعوا القرآن آية آية وسورة سورة، فصنفوا الآيات المكية والمدنية بل توصلوا إلى حصر الآيات المكية في السور المدنية، والآيات المدينة من السورة المكية ... (٢)

ومن أهم خصائص القرآن الذي تنزل في الفترة المدنية أنه يُعنى ببيان العبادات والمعاملات والحدود ونظام الأسرة والعلاقات الدولية في السلم


(١) أخرجه الحاكم في المستدرك (٢/٢٢٢) كتاب التفسير وصححه على شرط البخاري ومسلم، ووافقه الذهبي، وكذا رواه النسائي في فضائل القرآن، ٦٩ح١٥، وصحح إسناده د/ فاروق حمادة - محقق الكتاب - وهو كما قال، ولكنّه من قول ابن عباس - رضي الله عنهما – إلاّ أن مثله يكون له حكم الرفع والله اعلم.
(٢) راجع جهود العلماء في ذلك من خلال كتب علوم القرآن وانظر (مباحث في علوم القرآن ص٥٤-٦٤) .

<<  <   >  >>