للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

متجهاً إلى ربه دون أن ينطق لسانه بشيء تأدباً مع الله، وانتظاراً لتوجيهه لما يرضاه في شأن القبلة.

ثم نزل القرآن يستجيب لما يعتمل في صدره صلى الله عليه وسلم: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة:١٤٤] .

لقد كان هذا التحول اختباراً وامتحاناً للقلوب والأفئدة، وانطلقت أبواق يهود وقد عزّ عليهم أن يتحوّل محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه عن قبلتهم، انطلقت تُلقي في صفوف المسلمين وقلوبهم بذور الشك في نبيهم وفي دينهم (١) .

لقد كان تحويل القبلة أولاً عن الكعبة إلى المسجد الأقصى لحمة تربوية نجدها في الآية: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ} [البقرة:١٤٣] ، ذلك أنّ العرب كانت تعظم الكعبة في الجاهلية، فأراد الله بذلك أن يختبر إخلاصهم وتجردهم لله تعالى وانعتاقهم من الموروثات القديمة.

ثم لما توجهوا إلى المسجد الأقصى، وأخلصوا التوجّه لله، صدَرَ الأمر الإلهي بالاتجاه إلى المسجد الحرام ليتميّز للمسلمين كلُّ خصائص الوراثة، وراثة الدين، ووراثة القبلة، ووراثة الفضل من الله (٢) .

وزعم كاتب الموسوعة أن تحول النبي صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة أثار معارضة بين


(١) سيد، في ظلال القرآن ١/١٢٦-١٢٨.
(٢) سيد، في ظلال القرآن ١/١٢٧.

<<  <   >  >>