بلا خلاف بين العلماء، والمشتري من مالك الأرض، إن كان إنما اشترى نصيبه من الغرس، فهو صحيح كما ذكرنا، وإن كان اشترى نصيبه من الغرس وجميع الأرض، فالذي أرى أنه ما يصح؛ لأنه ما يمكنه تسليم الأرض –والحالة هذه- والله أعلم.
وطء الأب مملوكة ولده
(المسألة الرابعة) : في وطء الأب مملوكة ولده، فهو حرام يوجب التعزير. فإن حملت من الأب صارت أم ولد له، وولده حر، ولا حد ولا مهر عليه، فإن كان الابن قد وطئها، ولو لم تلد منه، لم يملكها الأب بالإحبال، ولم تَصِرْ أمّ ولد له، وحرمت عليهما، هكذا ذكره الفقهاء.
حكم مال الغريم إذا ضاق ماله عن الديون التي عليه
(المسألة الخامسة) : في حكم مال الغريم إذا ضاق ماله عن الديون التي عليه، فالمشهور في المذهب فيها معروف، وأنه يُتْرَك له المسكن والخادم؛ إذا كان مثله يُخْدَمُ، ما لم يكونا عين مال غريم، ويُشترى، أو يُكترى له بدلهما، ويُترك له ما يَتَّجِر به؛ إن كان تاجرا، ويترك له آلة محترف؛ إن كان ذا صنعة، ومقتضى قولهم: إنه إذا كانت حرفته الحراثة أن يُترك له ما يحرث عليه من سوان وآلة حراثة.
ومقتضى قولهم: أنه إذا لم يكن له حرفة، وله عقار، أنه يُترك له؛ إذا لم يكن فيه فضل عما يقوم به معاشه، والذي أرى أنه ما يمكن العمل اليوم بالمذهب في بلدان نجد؛ لقلة أموالهم، والغالب على الحُرَّاث الفقر.
ويمكن أحدهم أن يشتري من الناس أموالهم، ويشتري بها دارا أو عقارا، أو يشتري بها سواني، فإذا طلب أهل الحقوق حقوقهم، لم يجدوا إلا هذه التي ذكرنا، فيقال: تترك له الدار، ويترك له العقار يَتَعَيَّش به؛ إذا لم يكن له ما يعيش به، أو تترك له السواني؟ وإن كان تاجرا، وفي يده رأس مال، قيل: يترك له ما يتجر به، وهذا فيه إشكال.