فلو قال صاحب هذه المقالة: أنا أعلم أن التقليد ليس بعلم، وأن الواجب اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم- لكن قصور أفهامنا، وضعف إدراكنا أوجب لنا التقليد، وألجأت الضرورة إليه، فلو تبين لي في بعض ما قلدت فيه أنه مخالف للسنة اتبعت السنة، وهذا هو الواجب علي، لكني قليل التمييز لقصور فهمي، وأعتقد أن الواجب اتباع السنة، ولا عذر لأحد في مخالفتها إذا ثبتت عنده؛ وقائل ذلك يرجى له السلامة، وهذا كله في غير أصول الدين.
فأما أصول الدين من التوحيد ومعرفة الرسالة وسائر الأصول، فلا يجوز فيها التقليد عند جميع العلماء.
فنسأل الله العظيم، رب العرش الكريم، رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أن يهدينا لما اخْتُلِفَ فيه من الحق بإذنه، إنه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، والله -سبحانه وتعالى- أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
[الرسالة الرابعة: القول بأن الرسول عليه السلام حي في قبره]
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد الله بن عبد الرحمن (أبا بطين) إلى الولد المكرم محمد بن عبد الله بن سليم سلمه الله تعالى. سلام عليكم، ورحمة الله وبركاته
(وبعد) : موجب الخط إبلاغ السلام والخط وصل -أوصلك الله إلى الخير-. وما ذكرت من المسائل:
فالأولى في قول من يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم حي في قبره، فالله -سبحانه وتعالى- أخبر بحياة الشهداء، ولا شك أن الأنبياء أعلى رتبة من