للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومعانيه، وأن موسى سمع كلام الله منه بلا واسطة. والقرآن والسنة يدلان على ذلك دلالة صريحة، ولله الحمد والمنة، قال الله تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} ١ إلى قوله: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} ٢، ففرق بين الإيحاء المشترك وبين التكليم الخاص، وقال تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} ٣ وقال تعالى: {يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي} ٤، وقال تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي} ٥، وقال تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ} ٦، وقال: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً} ٧، وقال تعالى: {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ} ٨، وقال تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ} ٩ والآيات في ذلك كثيرة.

وأما السنة فأكثر من أن تحصى، منها أمره صلى الله عليه وسلم بالاستعاذة بكلمات الله في عدة أحاديث، وقوله صلى الله عليه وسلم: "ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه حجاب ولا ترجمان" ١٠. فمن قال إن الله لا يتكلم، فقد رد على الله ورسوله، وكفره ظاهر.

وقوع المجاز في القرآن

وقد ذكرتم أن العرب يضيفون الفعل إلى غير الفاعل، فهذا لا ينكر، أعني وجود المجاز في لغة العرب، وأما وقوع المجاز في القرآن، ففيه خلاف بين الفقهاء حكاه شيخ الإسلام ابن تيمية، وذكر أن أكثر الأئمة لم يقولوا: إن في القرآن مجازا، ورد القول بوجود ذلك في القرآن، واستدل له بأدلة كثيرة. وعلى تقدير جواز وجوده في القرآن، فمن المعلوم أنه لا يجوز


١ سورة النساء آية: ١٦٣.
٢ سورة النساء آية: ١٦٤.
٣ سورة الأعراف آية: ١٤٣.
٤ سورة الأعراف آية: ١٤٤.
٥ سورة الكهف آية: ١٠٩.
٦ سورة لقمان آية: ٢٧.
٧ سورة الأنعام آية: ١١٥.
٨ سورة البقرة آية: ٧٥.
٩ سورة التوبة آية: ٦.
١٠ البخاري: التوحيد (٧٤٤٣) , وأحمد (٤/٢٥٦) .

<<  <   >  >>