للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} ١ إلى قوله: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} ٢. فلو لم يكن موسى سمع كلام الله منه بلا واسطة لم يكن له مزية على غيره من الرسل، ولم يكن في تخصيصه بالتكليم فائدة، ولم يسم كليم الله. وقد قال تعالى: {يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي} ٣، وأيضا فقد قال الفراء: إن الكلام إذا أكد بالمصدر ارتفع المجاز، وثبتت الحقيقة، وقد أكد الفعل بالمصدر في قوله: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} ٤، وقال تعالى: {وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى} ٥، وقال: {وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً} ٦، وقال: {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ} ٧، وقال تعالى: {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الأَيْمَنِ} ٨ الآية. ففي هذا ونحوه دلالة صريحة أن الله كلم موسى، وناداه بنفسه بلا واسطة، وموسى سمع كلام الله، ونداءه، لأنه لا يجوز لغير الله أن يقول: {إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} ٩.

وقد ذكر الإمام أحمد – رضي الله عنه- في كتاب الرد على الجهمية: عن الزهري قال: لما سمع موسى كلام الله قال: يا رب هذا الكلام الذي سمعته هو كلامك؟ قال: نعم يا موسى، هو كلامي، وإنما كلمتك بقوة عشرة آلاف لسان، ولي قوة الألسن كلها، وأنا أقوى من ذلك، وإنما كلمتك بقدر ما يطيق بدنك، ولو كلمتك بأكثر من ذلك لمت. فلما رجع موسى إلى قومه قالوا: صف لنا كلام ربك. فقال: سبحان الله، وهل أستطيع أن أصفه لكم. قالوا: فشبهه، قال: هل سمعتم أصوات الصواعق التي تقبل في أحلى حلاوة سمعتموها، فكأنه مثله.

وروى عبد الله بن أحمد في كتاب السنة قال: حدثني محمد بن بكار قال: أخبرنا أبو معشر عن محمد بن كعب قال: قال بنو إسرائيل لموسى:


١ سورة النساء آية: ١٦٣.
٢ سورة النساء آية: ١٦٤.
٣ سورة الأعراف آية: ١٤٤.
٤ سورة النساء آية: ١٦٤.
٥ سورة الشعراء آية: ١٠.
٦ سورة مريم آية: ٥٢.
٧ سورة طه آية: ١١.
٨ سورة القصص آية: ٣٠.
٩ سورة القصص آية: ٣٠.

<<  <   >  >>