ومنذ جاءت الرسالة الخاتمة وأعداء الله لها بالمرصاد. وقد اتخذت العداوة لله ورسوله ولدينه صورا مختلفة، وتلبست أشكالاً عديدة. ونحن نستطيع أن نجمل هذه الصور والأشكال في نوعين اثنين. الأول، أعداء للإسلام أعلنوا عداءهم في وضوح، ونابذوا المسلمين في جلاء. من أمثال الصليبيين والشيوعيين والعلمانيين وأصناف الملاحدة بعامة، الذين أعلنوا عن إلحادهم، وهؤلاء ضررهم قليل، وخطرهم معروف، لأن عداءهم معلن، وكفرهم سافر، فالمسلمون منهم على حذر، ومن كيدهم ومكرهم على ترقب وتوجس. أما النوع الثاني، فهم المنافقون الذين يظهرون غير ما يبطنون، يتدثرون بعباءة الإسلام، ويصطنعون الحرص عليه، والدعوة إليه والعمل على وحدة الأمة، وبينما يعلنون ذلك يسعون إلى تحقيق أغراضهم الخبيثة من القضاء على الإسلام عن طريق التشكيك في مصادره الموحى بها من عند الله - عز وجل - وبخاصة السنة النبوية المطهرة. وذلك بإثارة الشبهات ضد سنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم - والزعم بأنها ليست من الدين، ولاصلة لها بالتشريع الإسلامي، ويزعمون أن القرآن هو المصدر الوحيد للشريعة الإسلامية.
وهذه الدعوى قديمة، والعداء لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولسنته موروث. لكن الجديد هو هذه الفئة من أعداء الله ورسوله والمسلمين، منكري سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي بدأت في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل العشرين الميلادي في بلاد الهند، ثم انتقلت إلى باكستان بعد استقلالها عن الهند، وما تزال. وأعجب أمر هؤلاء أنهم يُنْسَبون إلى القرآن المجيد، فهم يحبون أن يسموا أنفسهم "القرآنيون" نسبة إلى القرآن كتاب الله المجيد ظلماً وزورا. وقد اختاروا هذه النسبة إيهاماً للناس بأنهم ملتزمون بكتاب الله القرآن. هذا من جانب ومن جانب آخر يشيرون من طرف خفي إلى أن غيرهم من المسلمين