[المبحث الثالث: الجذور التاريخية لمنكري السنة وأشهر طوائفهم]
إن تاريخ منكري سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكاد يقرن بتاريخ منكري رسالته - صلى الله عليه وسلم - فالكفر بسنته - عليه الصلاة والسلام - هو قرين الكفر برسالته - فهما أمران متقاربان زماناً متساوقان منزلة، ويكادان يكونان متماثلين حكماً، ولا يختلفان إلا باعتبار أن ثمة كفراً دون كفر، وإلا فإنكار سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجحدها كفر، كما أن إنكار رسالته كفر -
ومن المسلم به أنه لم يخل زمان من الأمرين جميعاً كذلك، فكما أنه لم يخل زمان من منكري رسالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكذلك لم يخل زمان من منكري سنته - صلى الله عليه وسلم - مع زعمهم بأنهم مسلمون مؤمنون برسالته، والأخيرة هذه هي مثار العجب، إذ كيف يكونون مؤمنين برسالته - صلى الله عليه وسلم - ثم ينكرون سنته، ويرفضون اتباعه، ويصرون على عدم الأخذ عنه، والاحتكام إليه، والتسليم له ويقبلون على مخالفته في كل ما قال وفعل وأقر، فيقولون ما لم يقل، ويفعلون ما لم يفعل، ويرفضون ما أقره ورضي به.
ولقد بدأت مسيرة إنكار السنة والشغب عليها على هيئة فردية في حالات نادرة لا اعتبار بها. وكان ذلك في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن ذلك ما روى أصحاب السنن في أسباب نزول الآية الكريمة: