أما الشيعة والخوارج فكلتا الطائفتين شغبت على السنة النبوية المطهرة وأنكرتها، لكن الشيعة لم يقبلوا من سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا القليل الذي نُقل إليهم عن طريق من يدين بعقيدتهم في الإمامة ويشايع آل البيت - فيما يزعمون - ولو أننا عرفنا أنهم لم يوالوا من الصحابة - رضوان الله عليهم - إلا بضعة عشر صحابياً هم فقط الذين رضي عنهم الشيعة وأخذوا عنهم، لأدركنا ذلك القدر الضئيل من سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي قبله الشيعة (الرافضة) وعملوا به، وذلك الكم الهائل من السنة النبوية التي رفضوها وأنكروها لأنها أتت عن جمهرة الصحابة الذين لا يرضى عنهم الشيعة، فالشيعة - إذن - رفضوا السنة لأنهم طعنوا في عدالة الصحابة - رضوان الله عليهم - لأنهم بايعوا أبا بكر - رضي الله عنه - خليفة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يبايعوا عليا الذي كان هو الخليفة من وجهة أنظار الشيعة، والشيعة منهم معتدل وغال، فالمعتدلون فسقوا الصحابة - رضي الله عنهم - والغالون كفروهم - عياذاً بالله - ولم يستثن الشيعة من ذلك سوى عدد يزيد قليلاً على أصابع اليدين. على أن الشيعة (الرافضة) أضافوا إلى إنكارهم السنة - على الوضع الذي ذكرناه - إضافة جديدة جعل جرمهم في هذا الباب مضاعفاً، ذلك أنهم لم يكتفوا بإنكار الحديث ورفض السنة، وإنما لجأوا إلى وَضع ما أسموه أحاديث، ونسبوها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فألَّفوا كلاماً على هيئة أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - في تعظيم أئمتهم، وتأكيد نحلتهم، وتأصيل معتقدهم، وأيضاً في ذم مخالفيهم وعقائدهم. وقد كان لهذه الأحاديث المزعومة الموضوعة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دور أصيل في حجية التشريع وأصول الدين عندهم.