للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأما علماء الفقه فيبحثون في السنة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي لا تخرج أقواله وأفعاله عن الدلالة على حكم من الأحكام الشرعية. ومن هنا كانت السنة عندهم هي: "ما أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - أمراً غير جازم". أو "ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير افتراض ولا وجوب". أو "ما في فعله ثواب، وفي تركه ملامة وعتاب لا عقاب". وهي تقابل الواجب وغيره من الأحكام الخمسة لدى الفقهاء - وقد تطلق السنة عندهم على ما يقابل البدعة، فيقال: فلان على سنة إذا كان يعمل على وفق ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - ويقال: فلان على بدعة، إذا عمل على خلاف ذلك. ويطلق لفظ السنة عندهم - كذلك - على ما عمل عليه الصحابة - رضوان الله عليهم - وجد ذلك في القرآن المجيد أو لم يوجد، لكونه اتباعاً لسنة ثبتت عندهم، لم تنقل إلينا، أو اجتهاداً مجتمعاً عليه منهم أو من خلفائهم. لقوله - صلى الله عليه وسلم: - "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ" (١) (٢) .

هذه معاني السنة، أو تعريفاتها والمراد بها في مصطلح العلماء، وقد تبين لنا أن علماء كل فن أو علم من العلوم لهم اهتمام وعمل في السنة يتناسب مع اهتمامهم، ويحقق ما يهدفون إليه في علومهم، دون أن تتعارض


(١) أبو داود: كتاب السنة، باب في لزوم السنة ٢/٣٥٩ برقم ٤٥٨٣، وأحمد ٤/١٢٦، والترمذي كتاب العلم باب رقم ١٦، وابن ماجة في المقدمة باب رقم ٦، والدارمي في المقدمة باب ١٦.
(٢) إرشاد الفحول: ٣١، والموافقات: ٤ / ٣، تدوين السنة. د. محمد مطر الزهراني: ١٧ والسنة ومكانتها من التشريع: ٤٩.

<<  <   >  >>