للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

٢- وأما ما أثاروه من منزل جيش المسلمين في غزوة بدر، فقد كان ذلك بناء على رأي رآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يكن ذلك عن وحي، وهذا بيِّن واضح، فإنه لما سأله أحد أصحابه - رضي الله عنهم - قائلاً: "أهذا منزل أنزلكه الله يا رسول الله، أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "بل هو الرأي والحرب والمكيدة"، ولما أشار عليه صاحبه بمنزل أفضل انتقل اليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكون ذلك ليس عن وحي واضح. فلا يصح الاستشهاد به في مجال نفي الوحي فيما هو وحي.

٣- وأما مسألة الأسرى في بدر، فهي قد جمعت بين الرأي والوحي. فقد كان الرأي أولاً، ثم أعقبه الوحي بعد ذلك. وقضية الأسرى ببدر توضح لنا أمراً هاماً قد لا يتوفر في كثير غيرها من قضايا التشريع. فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ في أسرى بدر بالرأي، فاستشار أصحابه - رضوان الله عليهم-، فكل أدلى برأيه، ثم مال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الرأي القائل باستحيائهم وأخذ الفداء منهم، وكان هذا رأي أبي بكر - رضي الله عنه - وكان رأي عمر - رضي الله عنه - أن يقتل الأسرى جميعا - وبعد أن استقر الأمر على ذلك نزل الوحي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبين ما كان ينبغي أن يفعل في مسألة الأسرى، ويبين الصواب في القضية. يقول الله - سبحانه - في شأن فعل الرسول في أسرى بدر: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي

<<  <   >  >>