ثم إن لك مع من فيه بقية من العقل ضربا من المداراة لا تسلكه مع من يعد مداراتك له أثر الخوف من سلاطة لسانهن فيزداد فحشا، ليزداد الناس رهبة، فيزيدوه خضوعا.
١١ـ من المداراة أن تثني على الرجل بما فيه إذا قصدت من ذلك أن تحمله إلى ما هو أرفع، أو أن تقصره عما هو فيه من القبيح.
١٢ـ ومن المداراة أن تذكر المرء بسالف مجد آبائه، حتى تبعثه إلى اتباعهم، والسير على نولهم.
١٣ـ ومن المداراة أن تحرك في الشخص نخوته، وشيمته، ومروءته.
١٤ـ من المداراة أن تسعى بالصلح بين اثنين، فتنمي ما قاله كل واحد منهما في صاحبه من خير، وتغض الطرف عما قالاه في بعض من سوء.
١٥ـ من المداراة أن تعمد إلى إلقاء النصيحة على قوم حادوا عن الرشد، أو وقعوا في مخالفة ما، فلا تستهل حديثك بمواجهتهم بما يكرهون، خشية نفورهم أو إعراضهم.
وإنما تبتدئ بما يخف على المخاطبين سماعه من المعاني الحائمة حول الغرض، ثم تعبر عن المعنى المراد بلفظ مجمل، ثم تدنو من إيضاحه شيئا فشيئا؛ حتى لا تفصح عنه إلا وقد ألفته نفوسهم، وهدأت إليه خواطرهم؛ فذلك التدرج من حسن السياسة، وجميل المداراة.
١٦ـ من المداراة أن تعرّض بالشيء وأنت تريد غيره، من باب