للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول: رزقت الديار والدمن أمطار الأنواء الربيعية فأمرعت١، وأعشبت وأصابها مطر ذوات الرعود من السحاب ما كان منه عامًّا بالغًا مرضيًا أهله، وما كان منه لينًا سهلًا؛ وتحرير المعنى: أن تلك الديار ممرعة معشبة لترادف الأمطار المختلفة عليها ونزهتها.

٥-

مِنْ كُلّ سَارِيَةٍ وَغَادٍ مُدْجِنٍ ... وَعَشِيّةٍ مُتَجَاوِبٍ إرْزَامُهَا

السارية: السحابة الماطرة ليلًا، والجمع السواري. المدجن: الملبس آفاق السماء بظلامه لفرط كثافته، والدجن: إلباس الغيم آفاق السماء، وقد أدجن الغيم. الإرزام: التصويت، وقد أرزمت الناقة إذا رغت، والاسم الرزمة، ثم فسر تلك الأمطار فقال: هي من كل مطر سحابة سارية ومطر سحاب غادٍ يلبس آفاق السماء بكثافته وتراكمه، وسحابة عشية تتجاوب أصواتها، أي كأن رعودها تتجاوب، جمع لها أمطار السنة؛ لأن أمطار الشتاء أكثرها يقع ليلًا، وأمطار الربيع أكثرها يقع غداة، وأمطار الصيف أكثرها يقع عشيًّا؛ كذا زعم مفسرو هذا البيت.

٦-

فَعَلَا فُرُوعُ الأيْهَقَانِ وَأَطْفَلَتْ ... بالْجَلْهَتَيْنِ ظِباؤها ونَعَامُها

الأيهقان، بفتح الهاء وضمها: ضرب من النبت وهو الجرجير البري. أطفلت أي صارت ذوات أطفال. الجلهتان: جانبا الوادي، ثم أخبر عن إخصاب الديار وإعشابها فقال: فعلت بها فروع هذا الضرب من النبت وأصبحت الظباء والنعام ذوات أطفال بجانبي وادي هذه الديار؛ قوله: ظباؤها ونعامها، يريد: وأطفلت ظباؤها وباضت نعامها؛ لأن النعام تبيض ولا تلد الأطفال، ولكنه عطف النعام على الظباء في الظاهر لزوال اللبس؛ ومثله قول الشاعر: [الوافر] :

إذا ما الغانيات برزن يومًا ... وزججن الحواجب والعيونا

أي وكحلن العيون، وقول الآخر: [الطويل] :

تراه كأن الله يجدع أنفه ... وعينيه أن مولاه صار له وَفْر

أي ويفقأ عينيه، وقول الآخر: [مجزوء الكامل] :


١ أمرع المكان: أخصب بكثرة الكلأ.

<<  <   >  >>