للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول: حتى إذا انكشف وانجلى ظلام الليل وأضاء، بكرت البقرة من مأواها، فنزلت قوائمها عن التراب الندي لكثرة المطر الذي أصابه ليلًا.

٤٥-

عَلِهَت تَرَدَّدُ في نِهاءِ صَعائِدٍ ... سَبعًا تُؤامًا كامِلًا أَيّامُها

العله والهلع: الانهماك في الجزع والضجر، ويروى تبلد، أي: تتحير وتتعمه، النهاء جمع نَهْي ونِهْي، بفتح النون وكسرها: وهما الغدير، وكذلك الأنهاء. صعائد: موضع بعينه. التؤام: جمع توأم.

يقول: أمنعت في الجزع وترددت متحيرة في وهاد هذا الموضع ومواضع غدرانه سبع ليال تؤام للأيام وقد كملت أيام تلك الليالي، أي ترددت في طلب ولدها سبع ليال بأيامها، وجعل أيامها كاملة إشارة إلى أنها كانت من أيام الصيف وشهور الحر.

٤٦-

حَتّى إِذا يَئِسَت وَأَسحَقَ حالِقٌ ... لَم يُبلِهِ إِرضاعُها وَفِطامُها

الإسحاق: الإخلاق، والسَّحْق الْخَلَق، الحالق: الضرع الممتلئ لبنًا.

يقول: حتى إذا يئست البقرة من ولدها، وصار ضرعها الممتلئ لبنًا خلقًا لانقطاع لبنها، ثم قال: ولم يبل ضرعها إرضاعها ولدها ولا فطامها إياه وإنما أبلاه فقدها إياه.

٤٧-

فَتَوَجَّسَت رِزَّ الأَنيسِ فَراعَها ... عَن ظَهرِ غَيبٍ وَالأَنيسُ سَقامُها

الرِزّ: الصوت الخفي. الأنيس والإنس والأناس والناس واحد. راعها: أفزعها. السقام والسقم واحد. والفعل سقِم يسقَم، والنعت سقيم، وكذلك النعت مما كان من أفعال فَعِل يفعَل من الأدواء والعلل نحو مريض.

يقول: فتسمعت البقرة صوت الناس فأفزعها ذلك وإنما سمعته عن ظهر غيب، أي لم تَرَ الأنيس، ثم قال: والناس سقام الوحش وداؤها؛ لأنهم يصيدونها وينقصون منها نقص السقم من الجسد؛ وتحرير المعنى: أنَّها سمعت صوتًا ولم تَرَ صاحبه فخافت ولا غرو أن تخاف عند سماعها صوت الناس؛ لأن الناس يبيدونها ويهلكونها، والتقدير: فتسمعت رِزّ الأنيس عن ظهر غيب فراعها والأنيس سقامها.

٤٨-

فَغَدَت كِلا الفَرجَينِ تَحسَبُ أَنَّهُ ... مَوْلَى المَخافَةِ خَلْفُها وَأَمامُها

<<  <   >  >>