يقول: مطرت على هذه الروضة كل سحابة سابقة المطر لا برد معها، أو كل مطر يدوم أيامًا ويكثر ماؤه حتى تركت كل حفرة كالدرهم، لاستدارتها بالماء وبياض مائها وصفائه.
١٧-
سَحًّا وَتَسْكابًا فَكُلَّ عَشِيّةٍ ... يَجْرِي عَلَيهَا الْمَاءُ لَمْ يَتَصَرّمِ
السَّحُّ: الصّب والانصباب جميعًا والفعل سح يسح. التسكاب: السكب، يقال: سكبت الماء أسكبه سكبا فسكب هو يسكب سكوبا. التصرم الانقطاع.
يقول: أصابها المطر الجود صبًّا وسكبًا فكل عشية يجري عليها ماء السحاب ولم ينقطع عنها.
١٨-
وَخَلَا الذُّبابُ بِهَا فَلَيْسَ بِبَارحٍ ... غَرِدًا كَفِعْلِ الشَّارِبِ الْمُتَرَنِّمِ
البراح: الزوال، والفعل برح يبرح. التغريد: التصويت، والفعل غرّد، والنعت غُرِدٌ. الترنم: ترديد الصوت بضرب من التلحين.
يقول: وخلت الذباب بهذه الروضة فلا يزايلنها ويصوتن تصويت شارب الخمر حين رجع صوته بالغناء، شبه أصواتها بالغناء.
١٩-
هَزِجًا يَحُكّ ذِرَاعَهُ بِذِرَاعِهِ ... قَدْحَ الْمُكِبّ عَلَى الزّنادِ الأَجْذَمِ
هزجًا: مصوّتًا. المكب: المقبل على الشيء. الأجذم: الناقص اليد.
يقول: يصوّت الذباب حال حكِّه إحدى ذراعيه بالأخرى مثل قدح رجل ناقص اليد النار من الزندين. لما شبه طيب نكهة هذه المرأة بطيب نسيم الروضة بالغ في وصف الروضة وأمعن في نعتها ليكون ريحها أطيب ثم عاد إلى النسيب فقال:
٣٠-
تُمْسِي وَتُصْبحُ فَوْقَ ظَهْرِ حشيّةٍ ... وَأَبِيتُ فَوْقَ سَرَاةِ أَدهَمَ مُلجِمِ
السراة: أعلى الظهر.
يقول: تصبح وتمسي فوق فراش وطيء وأبيت أنا فوق ظهر فرس أدهم ملجم، يقول: هي تتنعم وأنا أقاسي شدائد الأسفار والحروب.
٢١-
وَحَشِيّتِي سَرْجٌ على عَبْلِ الشَّوَى ... نَهْدٍ مَرَاكِلُهُ نبيلِ الْمَحْزِمِ