عنيزة بدل من الخدر الأول، والمعنى: يوم دخلت خدر عنيزة، وهذا مثل قوله تعالى:{لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ، أَسْبَابَ السَّمَوَاتِ}[غافر: ٣٦، ٣٧] ومنه قول الشاعر: [البسيط] :
يا تيم تيم عدي لا أبا لكمو ... لا يلفينكمو في سوأة١ عمر
وصرف عنيزة لضرورة الشعر وهي لا تنصرف في غير الشعر للتأنيث والتعريف.
يقول: ويوم دخلت هودج عنيزة فدعت عليّ أو دعت لي في معرض الدعاء عليّ، وقالت: إنك تصيرني راجلة لعقرك ظهر بعيري، يريد أن هذا اليوم كان من محاسن الأيام الصالحة التي نلتها منهن أيضًا.
١٤-
تقولُ وقد مال الغَبيطُ بنا معًا ... عَقَرْتَ بَعِيري يا امرَأَ القَيس فانزِلِ
الغبيط: ضرب من الرِّحال، وقيل: بل ضرب من الهوادج، الباء في قوله: بنا للتعدية، وقد أمالنا الغبيط جميعًا. عقرت بعيري أي: أدبرت ظهره، من قولهم: سرج مُعْقِر وَعُقَر وعُقَرة يعقر الظهر. ومنه قولهم: كلب عقور، ولا يقال في ذي الروح إلا عقور.
يقول: كانت هذه المرأة تقول لي في حال إمالة الهودج أو الرحل إيانا: قد أدبرت ظهر بعيري فانزل عن البعير.
١٥-
فَقُلتُ لَهَا سيري وأرْخي زِمَامَه ... ولا تُبعديني من جنَاكِ الْمُعَلَّلِ
جعل العشيقة بمنزلة الشجرة، وجعل ما نال من عناقها وتقبيلها وشمها بمنزلة الثمرة لتناسب الكلام. المعلل: المكرر، من قولهم: علّه يعِلَه ويعلّه إذا كرر سقيه وعلله للتكثير والتكرير. المعلل: الملهي، من قولك: عللت الصبي بفاكهة أي ألهيته بها، وقد روي في البيت بكسر اللام وفتحها، والمعنى على ما ذكرنا.
يقول: فقلت للعشيقة بعد أمرها إياي بالنزول سيري وأرخي زمام البعير ولا تبعديني مما أنال من عناقك وشمك وتقبيلك الذي يلهيني أو الذي أكرره، ويقال لمن