للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أي ذات صحبتي، وأنشد النحويون: [الطويل] :

وقد تخذت رجلي لدى جنب غرزها ... نسيفًا كأفحوص القطاة المطرق١

أي ذات الطريق، والمعول في هذا الباب على السماع إذ هو غير منقاد للقياس. لهيت عن الشيء ألهى عنه لهيًا إذا شغلت عنه وسلوت، وألهيته إلهاء إذا شغلته. التميمة: العوذة٢، والجمع التمائم. يقال: أحول الصبي إذا تم له حول فهو محول؛ ويروى: عن ذي تمائم مُغْيِلِ؛ يقال: غالت المرأة ولدها تغيل غيلًا وأغالت تغيل إغيالًا إذا أرضعته وهي حبلى. ويروى: مرضع بالعطف على حبلى. ويروى: ومرضعًا على تقدير طرقتها. ومرضعًا تكون معطوفة على ضمير المفعول.

يقول: فربَّ امرأة حبلى قد أتيتها ليلًا وربّ امرأة ذات رضيع أتيتها ليلًا فشغلتها عن ولدها الذي علقت على العوذة وقد أتى عليه حول كامل، أو قد حبلت أمه بغيره فهي ترضعه على حبلها، وإنما خص الحبلى والمرضع؛ لأنهما أزهد النساء في الرجال وأقلهن شغفًا بهم وحرصًا عليهم، فقال: خدعت مثلهما مع اشتغالهما بأنفسهما فكيف تتخلصين مني؟ قوله: فمثلك، يريد به فرُبَّ امرأة مثل عنيزة في ميله إليها وحبه لها؛ لأن عنيزة في هذا الوقت كانت عذراء غير حبلى ولا مرضع.

١٧-

إذَا ما بكى من خلفها انْصَرَفَتْ لهُ ... بشِقٍّ وتحتي شِقُّها لم يُحَوَّلِ

شقّ الشيء: نصفه. يقول: إذا ما بكى الصبي من خلف المرضع انصرفت إليه بنصفها الأعلى فأرضعته وأرضته وتحتي نصفها الأسفل لم تحوله عني، وصف غاية ميلها إليه وكلفها٣ به حيث لم يشغلها عن مرامه ما يشغل الأمهات عن كل شيء.

١٨-

وَيومًا عَلَى ظَهرِ الكَثيبِ تَعَذّرَتْ ... عَلَيّ وآلَتْ حَلْفَةً لم تَحَلَّلِ

الكثيب: رمل كثير، والجمع أكثبة وكُثُب وكثبان. التعذر: التشدد والالتواء والإيلاء والائتلاء والتألّي: الحلف، يقال: آلى وائتلى وتأَلّى إذا حلف، واسم اليمين


١ الغرز: الركاب، الأفحوص: حفرة تحفرها القطاة في الأرض لتبيض وترقد فيها، المطرق: التي حان خروج بيضها.
٢ العوذة: الرقية التي يرقى بها الإنسان من فزعٍ أو جنونٍ.
٣ كلفها: حبها وشدة ولوعها به.

<<  <   >  >>