كما سهل عليك فراقي، ومن الناس من حمله على مقتضى الظاهر وقال: معنى البيت: أتوهمت وحسبت أن حبك يقتلني أو أنك مهما أمرت قلبي بشيء فعله؟ قال: يريد أن الأمر ليس على ما خيل إليك فإني مالك زمام قلبي، والوجه الأمثل هو الوجه الأول وهذا القول أرذل الأقوال، لأن مثل هذا الكلام لا يستحسن في النسيب بالحبيب.
من الناس من جعل الثياب في هذا البيت بمعنى القلب، كما حملت الثياب على القلب في قول عنترة:[الكامل] :
فشككت بالرمح الأصم ثيابه ... ليس الكريم على القنا بمحرَّم
وقد حملت الثياب في قوله تعالى:{وَثِيَابَكَ فَطَهِّر}[المدثر: ٤] على أن المراد به القلب، فالمعنى على هذا القول: إن ساءك خلق من أخلاقي وكرهت خصلة من خصالي فردي على قلبي أفارقك، ولا معنى على هذا القول: استخرجي قلبي من قلبك يفارقه. النسول: سقوط الريش والوبر والصوف والشعر، يقال: نسل ريش الطائر ينسل نسولًا، واسم ما سقط النسيل والنسال؛ ومنهم من رواه تنسلي وجعل الانسلاء بمعنى التسلي، والرواية الأولى أولاهما بالصواب، ومن الناس من حمل الثياب في البيت على الثياب الملبوسة وقال: كنّى بتباين الثياب وتباعدها عن تباعدهما، وقال: إن ساءك شيء من أخلاقي فاستخرجي ثيابي من ثيابك أي: ففارقيني وصارميني كما تحبين فإني لا أوثر إلا ما أثرت ولا أختار إلا ما اخترت لانقيادي لك وميلي إليك، فإذا آثرتِ فراقي آثرتُه وإن كان سبب هلاكي وجالب موتي.
٢٢-
وَما ذَرَفَتْ عَيناكِ إلا لتَضْرِبِي ... بسَهمَيك في أعشار قَلبٍ مُقَتَّلِ
ذرف الدمع ذريفًا وذرفانًا وتذرافًا إذا سال، ثم يقال: ذرفت [عينه] ، كما يقال: دمعت عينه، وللأئمة في البيت قولان، قال الأكثرون: استعار لِلَحْظِ عينيها ودمعهما اسم السهم لتأثيرهما في القلوب وجرحهما إياها كما أن السهام تجرح الأجسام وتؤثر فيها. والأعشار من قولهم: برمة أعشار إذا كانت قطعًا، ولا واحد لها من لفظها. المقتّل: المذلل غاية التذليل، والقتل في الكلام التذليل، ومنه قولهم: قتلت الشراب إذا قللت غرب سورته بالمزاج، ومنه قول الأخطل:[الطويل] :