للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤٤-

وَليلٍ كَمَوْجِ البَحرِ أرْخَى سُدولَهُ ... عليّ بأنواع الهموم ليبتلي

شبه ظلام الليل في هوله وصعوبته ونكارة أمره بأمواج البحر. السدول: الستور، الواحد منها سدل. الإرخاء: إرسال الستر وغيره. الابتلاء: الاختبار. الهموم جمع الهم. بمعنى الحزن وبمعنى الهمة. الباء في قوله: بأنواع الهموم بمعنى مع.

يقول: وربّ ليلٍ يحاكي أمواج البحر في توحشه ونكارة أمره وقد أرخى عليّ ستور ظلامه مع أنواع الأحزان، أو مع فنون الهم، ليختبرني أأصبر على ضروب الشدائد وفنون النوائب أم أجزع منها. لما أمعن في النسيب من أول القصيدة إلى هنا انتقل منه إلى التمدح بالصبر والْجَلَد.

٤٥-

فَقُلْتُ لَه لَمِّا تَمَطَّي بصُلْبِهِ ... وَأَرْدَفَ أَعْجَازًا وَنَاءَ بَكَلْكَلِ

تمطى أي: تمدد، ويجوز أن يكون التمطي مأخوذًا من المطا، وهو الظهر، فيكون التمطي مد الظهر، ويجوز أن يكون منقولًا من التمطط فقلبت إحدى الطاءين ياء كما قالوا: تظنّي تظنيًا والأصل تظنن تظننًا، وقالوا: تقضّى١ البازي تقضيًا أي: تقضض تقضضًا، والتمطط التفعل من المط، وهو المد. وفي الصلب ثلاث لغات مشهورة، وهي: الصُّلْب، بضم الصاد وسكون اللام، والصُّلُب بضمهما، والصَّلَب بفتحهما؛ ومنه قول العجاج يصف جارية: [الرجز] :

ريّا العظام فخمة المخدَّم ... في صَلَب مثل العنان المؤدم

ولغة عربية وهي الصالب، وقال العباس عم النبي -صلى الله عليه وسلم- يمدح النبي عليه السلام: [المنسرح] :

تنقل من صالب إلى رحم ... إذا مضى عالم بدا طبق

الإرداف: الإتباع والاتِّباع وهو بمعنى الأول ههنا. الأعجاز: المآخير، الواحد عَجُز وعَجِز وعَجْز. ناء: مقلوب نأى بمعنى بعد، كما قالوا: راء بمعنى رأى وشاء بمعنى شأى٢. الكلكل: الصدر والجمع كلاكل. الباء في قوله ناء بكلكل.


١ تقضّى البازي: هوى ليقع.
٢ شأى فلانًا: شبقه، وشأى الشيء فلانًا: أعجبه.

<<  <   >  >>