ج ـ من فاتهم التحقيق في أصل الشرع فكانوا ضعفاء في الاستقامة على أمر الله ومتابعة شرعه، لكن عندهم قوة في الاستعانة بالله والتوكل عليه، ولكن قد يكون ذلك في أمور لا يحبها الله تعالى ولا يرضاها، فَيُعَانُ ويُمَكَّنُ له بقدر حاله، ويحصل له من المكاشفات والتأثيرات ما لا يحصل للقسم الذي قببه، لكن ما يحصل من هذه الأمور يكون من نصيب العاجلة في الدنيا، أما عاقبته في الدنيا، أما عاقبته فعاقبته سيئة، لأنه ليس من المتقين، وإنما العاقبة للمتقين، قال تعالى:{فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ * لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} .
فالله سبحانه يعلم أن هؤلاء سيشركون بعد أن ينجيهم، لكن لما كانوا في البحر كانوا مخلصين في دعائهم الله تعالى أن ينجيهم صادقين في تفويض الأمر إليه حتى يحصل مرادهم، ولما لم يكن لهم عبادة لم يستقم أمرهم وكان عاقبة أمرهم خسراً.
فالفرق بين هؤلاء وبين القسم الذين فبلهم: أن الذين قبلهم كان لهم دين ضعيف لضعف استعانتهم بالله وتوكلهم عليه، لكنه مستمر باق إن لم يفسده صاحبه بالعجز والجزع، وهؤلاء لهم حال وقوة لكن لا يبقى لهم إلا ما وافقوا فيه الأمر واتبعوا السنة.
د ـ من فاتهم تحقيق أصلي الشرع والقدر، فليس عندهم عبادة الله، ولا استعانة ولا لجوء إليه عند الشدة، فهم مستكبرون من عبادة الله، مستغنون بأنفسهم عن خالقهم، وربما لجؤوا في الشدائد وإدراك مطالبهم إلى الشياطين فأطاعوها فيما تريد وأعانتهم فيما يريدون، فيظن الظاّن أن هذا من باب الكرامات! وهو من باب الإهانات لأن عاقبتهم الذل والهوان وهذا قسم شر الأقسام.