للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أما مخالفة من ينظر إلى القدر ويعرض عن الشرع للعقل والقياس: أنه إذا عومل أحدهم بموجب مذهبهم؛ مثل أن يضرب أو يجاع، فإن لام من فعل به ذلك فقد نقض قوله وخرج عن أصل مذهبه، فيقال له: هذا الذي فعل مقضي مقدور، فخلق الله ومشيئته وقدره متناول لك وله، فإن كان القدر حجة لهذا أيضاً، وإلا فليس بحجة لك ولا له١.

ج ـ الإيمان بالقدر لا ينافي الأسباب:

الإيمان بالقدر لا ينافي إثبات الأسباب، فللأسباب تأثير لذاتها بل بما أودعه الله فيها من القوى والأسباب، وهي قد تكون كونية، مثل جعل الله أودعه الله فيها من القوى والأسباب، وهي قد تكون كونية، مثل جعل الله السحاب سبباً لنزول المطر، ونزول المطر سبباً لإخراج الثمرات.

وقد تكون شرعية؛ مثل جعل إتباع الكتاب والسنة سبباً للهداية، والإعراض عنهما سبباً للضلال والغواية.

فإذا كان القدر لا ينافي الأسباب فكذلك لا ينافي في أن يكون للعبد قدرة وإرادة مع خلق الله الأسباب، والمنحرفون في هذا الباب طائفتان:

١ـ الغلاة في إثبات الأسباب حتى جعلوها هي المؤثرة بذاتها، فوقعوا في الشرك، وهؤلاء خالفوا المحسوس من عدة وجوه:

أـ أن الحس دل على أن ما من سبب إلا وهو مفتقر إلى سبب آخر في حصول مسببه.

ب ـ ولابد من عدم مانع يمنع أثره إذا لم يدفعه الله عنه، فلا يستقل شيء بفعل شيء إلا الله.

ج ـ أننا نشاهد تخلف بعض المسببات عن أسبابها كتخلف الإحراق عن النار في قصة إبراهيم، حيث قال: {قُلْنَا ينَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الأنبياء: ٦٩] . والغلاة في الأسباب هم القدرية.

٢ـ نفاة الأسباب وهم الأشاعرة؛ فينكرون تأثير الأسباب ويجعلونها


١ القاموس المحيط: ص ١٨١.

<<  <   >  >>