للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مجرد علامات يحصل الشيء عندها لا بها، وهؤلاء خالفوا السمع وأنكروا ما خلق الله من القوى والطباع.

د ـ الأسباب لا تستقل بنفسها:

تقدم أن الأسباب لا تستقل شيء منها في تحصيل مسبباتها فيعلم بطلان مقولة الفلاسفة الملاحدة ومن وافقهم من المتفلسفة ممن ينتسبون إلى الإسلام كابن سينا، وهي أن الواحد لا يصدر عنه إلا واحد١. ويمكن تلخيص الرد عليهم بما يلي:

١ـ أنه ليس في الوجود واحد صدر عنه وحده شيء لا واحد ولا إثنان إلا الله تعالى، بل كل شيء محتاج إلى غيره في التسبب.

٢ـ فالنار مثلاً لا يحصل الإحراق بها إلا بمحل يقبل الاحتراق، فإذا وقعت على السمندل والياقوت ونحوهما لم تحرقهما، وكذلك إذا طلي الجسم بما يمنع إحراقه فلا يحترق.

السمندل: حيوان في الهند لا يحترق بالنار، قيل هو: هو دابة دون الثعلب يتلذذ بالنار، وقيل طائر لا يحترق ريشه٢.

الياقوت: حجر شفاف شديد الصلابة لا تذوبه النار.

ب ـ وكذلك شعاع الشمس لا بد له من جسم يقبل انعكاس الشعاع عليه، وإذا حصل حاجز من سحاب أو سقف لم يحصل وصول الشعاع٣.

فهذا يدل على أنه لا يوجد واحد يصدر عنه شيء بنفسه مفتقر إلى غيره وله مانع يمنع أثره.

٢ـ هذا القول من أعظم الجهل وليس عليه دليل عقلي ولا نقلي، بل الله سبحانه وتعالى خلق المخلوقات كلها وقال: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ


١ الإشارات والتنبيهات لابن سينا (٣/١٤٧) ، الملل والنحل (٣/٥٧٦) .
٢ الحيوان للجاحظ (٢/١١١) .
٣ المعجم الوسيط (٢/١٠٧٩) .

<<  <   >  >>