للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مخلوق وهو العبد، ولكل منهما وجود يخصه، فلا بد من موجود قديم تنتهي إليه المخلوقات المحدثة إذ إن وجود المخلوقات من غير موجد ممتنع. والخالق والمخلوق كل منهما يتفقان في الوجود، ومع ذلك لم يلزم من اتفاقهما في المعنى العام وهو لفظ الوجود تماثلهما.

الوجه الثاني: أن الاشتراك في الأسماء والصفات لا يستلزم تماثل المسميات والموصوفات كما دل على ذلك السمع والعقل والحس.

٢ ـ الأدلة على الاشتراك في الأسماء والصفات لا يستلزم منه تماثل المسميات دل على ذلك السمع والعقل والحس، وإليك التفصيل:

١ ـ أما دليل السمع فقد قال الله تعالى عن نفسه: {ِإِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً} [النساء: ٥٨] ، وقال عن الإنسان: {إِنَّا خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً} [الإنسان:٢] ، ونفى أن يكون السميع كالسميع والبصير كالبصير، فقال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: ١١] وأثبت لنفسه علماً وللإنسان علماً فقال عن نفسه: {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ} [البقرة: ٢٣٥] . وقال عن الإنسان: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: ١.] ، وليس علم الإنسان كعلم الله، فقد قال تعالى عن علمه: {وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً} [طه: ٩٨] ، وقال عن علم الإنسان: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً} [الاسراء: ٨٥] .

وأما العقل فمن المعلوم بالعقل أن المعاني والأوصاف تتقيد وتتميز بحسب ما تضاف إليه، فكما أن الأشياء مختلفة في ذواتها فإنها كذلك مختلفة في صفاتها وفي المعاني المضافة إليها، فإن صفة كل موصوف تناسبه لا يفهم منها ما يقصر عن موصوفها أو يتجاوزه، ولهذا نصف الإنسان باللين والحديد المنصهر باللين، ونعلم أن اللين متفاوت المعنى بحسب ما أضيف إليه وأما الحس: فإننا نشاهد للفيل جسماً وقدَمَاً وقوةً، وللبعوضة جسماً وقدماً وقوة، ونعلم الفرق بين جسميهما وقدميهما وقوتهما.

فإذا علم أن الاشتراك في الاسم والصفة في المخلوقات لا يستلزم

<<  <   >  >>