وعلامات قبل ذلك، ومنها العلامتان المذكورتان في هذا الحديث.
ومعنى قوله:"أن تلِدَ الأَمَةُ ربَّتها" فُسِّر بأنَّه إشارة إلى كثرة الفتوحات وكثرة السبي، وأنَّ من المسبيات مَن يطؤها سيِّدها فتلد له، فتكون أمَّ ولد، ويكون ولدُها بمنزلة سيِّدها، وفسِّر بتغيُّر الأحوال وحصول العقوق من الأولاد لآبائهم وأمَّهاتهم وتسلُّطهم عليهم، حتى يكون الأولاد كأنَّهم سادة لآبائهم وأمَّهاتهم، رجَّح هذا الحافظ ابن حجر في الفتح (١/١٢٣) .
ومعنى قوله:"وأن ترى الحُفاة العُراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان" أنَّ الفقراء الذين يرعون الغنم ولا يجدون ما يكتسون به تتغيَّر أحوالُهم، وينتقلون إلى سكنى المدن ويتطاولون في البنيان، وهاتان العلامتان قد وقعتا.
السادسة: قوله: "ثمَّ انطلق فلبثت مليًّا ثم قال لي: يا عمر أتدري مَن السائل قلت: الله ورسوله أعلم، قال: فإنَّه جبريل أتاكم يعلِّمُكم دينَكم"، معنى مليًّا: زماناً فقد أخبر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أصحابَه عن السائل بأنَّه جبريل عقب انطلاقه، وجاء أنَّه أخبر عمر بعد ثلاث، ولا تنافي بين ذلك؛ لأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أخبر الحاضرين ولم يكن عمر رضي الله عنه معهم، بل يكون انصرف من المجلس، واتَّفق له أنَّه لقي النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم بعد ثلاث فأخبره.
السابعة: كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يسأل أصحابَه عن أشياء لِلَفْت أنظارهم إلى الاستعداد لجوابها، فيقولون: الله ورسوله أعلم، ثم يُجيبهم، كما في حديث عمر هذا، وكما في حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه:"أتدري ما حقُّ الله على العباد، وما حقُّ العباد على الله قلت: الله ورسوله أعلم" الحديث رواه البخاري (٢٨٥٦) ومسلم (٤٨) .