السنَّة والجماعة، ويُنكرها القدرية، والدرجة الأولى أثبتها كثيرٌ من القدرية، ونفاها غلاتُهم، كمعبد الجهني، الذي سُئل ابنُ عمر عن مقالته، وكعمرو بن عُبيد وغيره.
وقد قال كثيرٌ من أئمَّة السلف:"ناظروا القدرية بالعلم، فإن أقرُّوا به خُصموا، وإن جحدوه فقد كفروا. يريدون أنَّ مَن أنكر العلم القديم السابق بأفعال العباد وأنَّ الله قسمهم قبل خلقهم إلى شقيٍّ وسعيد، وكتب ذلك عنده في كتاب حفيظ، فقد كذَّب بالقرآن، فيكفر بذلك، وإن أقرُّوا بذلك وأنكروا أنَّ الله خلق أفعال عباده وشاءها وأرادها منهم إرادة كونية قدرية، فقد خُصموا؛ لأنَّ ما أقرُّوا به حجَّة عليهم فيما أنكروه، وفي تكفير هؤلاء نزاع مشهور بين العلماء، وأمَّا مَن أنكر العلم القديم، فنصَّ الشافعي وأحمد على تكفيره، وكذلك غيرهما من أئمَّة الإسلام".
السابعة: أنَّ للشيطان في إضلال الناس وإغوائهم طريقين، فمَن كان منهم عنده تقصير وإعراض عن الطاعة حسَّن له الشهوات، وقد قال صلى الله عليه وسلم:"حُفَّت الجنَّة بالمكاره، وحُفَّت النار بالشهوات" رواه البخاري (٦٤٨٧) ، ومسلم (٢٨٢٢) ، ويُقال لهذا مرض الشهوة، ومنه قوله تعالى:{فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} ، وأمَّا من كان من أهل الطاعة والعبادة، أتاه الشيطان عن طريق الغلوِّ فيها وإلقاء الشبهات عليه، قال الله عزَّ وجلَّ:{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} ، وفي صحيح البخاري (٤٥٤٧) ، ومسلم (٢٦٦٥) عن عائشة رضي الله عنها: أنَّ