النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية، فقال:"إذا رأيتم الذين يتَّبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمَّى الله فاحذروهم"، ويُقال لهذا مرض الشبهة، ومنه قوله تعالى:{فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً} ، وقوله:{وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ} ، وهؤلاء الذين سُئل عنهم ابن عمر وصفهم يحيى بن يعمر بأنَّهم أهل عبادة، فقال:"إنَّه ظهر قِبَلنا ناسٌ يقرؤون القرآن ويتقفَّرون العلم، وذكر من شأنهم"، وهؤلاء وأمثالهم من أهل البدع يأتيهم الشيطان لإغوائهم وإضلالهم عن طريق الشبهات.
الثامنة: جَمْعُ المفتي بين ذكر الحكم ودليله؛ فإنَّ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ذكر رأيَه في هؤلاء وبراءته منهم، ثم ساق مستدِلاًّ على ذلك حديث جبريل المشتمل على أنَّ من أصول الإيمان الإيمان بالقدر.
التاسعة: من طريقة الإمام مسلم ـ رحمه الله ـ المحافظة على الألفاظ في الأسانيد والمتون، وذكر الحديث كما هو دون تقطيع أو اختصار، ولهذا ساق حديث جبريل هنا بتمامه ولم يختصره فيقتصر على ذكر الإيمان بالقدر، قال الحافظ ابن حجر في ترجمة الإمام مسلم في تهذيب التهذيب:"حصل لمسلم في كتابه حظٌّ عظيم مفرط لم يحصل لأحد مثله، بحيث إنَّ بعضَ الناس كان يفضِّله على صحيح محمد بن إسماعيل؛ وذلك لِمَا اختصَّ من جمع الطرق وجَودة السياق والمحافظة على أداء الألفاظ كما هي من غير تقطيع ولا رواية بمعنى، وقد نسج على منواله خلق من النيسابوريِّين فلم يبلغوا شأوه، وحفظتُ منهم أكثرَ من عشرين إماماً مِمَّن صنَّف المستخرج على مسلم، فسبحان المعطي الوهَّاب! ".