للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أرسله الله إلى أناس يتعبدون ويحجون ويتصدقون ويذكرون الله كثيراً، ولكنهم يجعلون بعض المخلوقات وسائط بينهم وبين الله؛ يقولون: نريد منهم التقرب إلى الله ونريد شفاعتهم عنده: مثل الملائكة، وعيسى، ومريم، وأناس غيرهم من الصالحين.

ــ

فالشرك إذا وقع عظيم رفعه وشديد؛ فإن نوحاً مع كمال بيانه ونصحه ودعوته إياهم ليلاً ونهاراً وجهاراً أخذ ألف سنة إلا خمسين عاماً ما أجابه إلا قليل، ومع ذلك أغرق الله أهل الأرض كلهم من أجله، ومع ذلك تلك الأصنام الخمسة مازالت حتى بُعث محمد صلى الله عليه وسلم وكسرها.

فيفيدك عظم الشرك إذا خالط القلوب صعب زواله كيف أن أصناماً عُبِدت على وقت أول الرسل وما كسرها إلا آخرهم.

(أرسله الله إلى) قومه قريش ومن يلحق بهم وإلا فهو بعث إلى الناس كافة أحمرهم وأسودهم {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً} (أناسٍ يتعبدون ويحجون ويتصدقون ويذكرون الله كثيراً) ويصلون الرحم ويكرمون الضيف ١. ويعرفون أن الله


= أهبط الماء هذه الأصنام من أرض إلى أرض حتى قذفها إلى أرض جده، فلما نضب الماء بقيت على الشط فسفت الريح عليها حتى وارتها، وكان عمرو بن لحي كاهناً وله رِئيٌّ من الجن، فأتاه فقال: عجل السبر والظعن من تمامه، بالسعد والسلامه، ائت جده، تجد أصناماً معدة، فأوردها تهامه ولا تَهب، واعُ العرب إلى عبادتها تُجَب؛ فأتى جدة فاستثارها، ثم حملها حتى أوردها تهامة، وحضر الحج ودعا إلى عبادتها (مختصر السيرة ص ٤٨) .
١ فيهم بقايا من دين إبراهيم مثل تعظيم البيت والطواف به، والحج والعمرة، والوقوف بعرفة ومزدلفة، وإهداء البدن (مختصر السيرة) .

<<  <   >  >>