[الشبهة الثانية: حصرهم عبادة غير الله في الأصنام دون الصالحين]
...
فإن قال: هؤلاء الآيات نزلت فيمن يعبد الأصنام، كيف تجعلون الصالحين مثل الأصنام؟ أم كيف تجعلون الأنبياء أصناماً؟!.
فجاوِبه بما تقدم؛ فإنه إذا أقرَّ أن الكفار يشهدون بالربوبية كلها لله وأنهم ما أرادوا ممن قصدوا إلا الشفاعة ولكن أراد أن يفرِّق بين فعلهم وفعله بما ذكر.
ــ
لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} ١ِ ونظائرها من الآيات الدالة على أنهم ما أرادوا ممن قصدوا إلا الجاهَ والشفاعة.
فحاصلُ جواب هذه الشبهة أنك ما زِدتَ على ما أقَرَّ به المشركون الأولون، ولا زاد فعلُك عن فعلهم بل أنت وهم سواء.
(فإن قال) المشبِّه (هؤلاء الآيات) يعني آية: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} ونحوها (نزلت فيمن يعبد الأصنام) إن انتقل إلى هذه الشبهة وهي حصرُ عبادة غير الله في الأصنام، يعني وما سواه فليس بعبادة، فليس مثلهم، هو يدعو الصالحين وليس بمشرك! (كيف تجعلون الصالحين مثل الأصنام؟) حصر عبادة غير الله في الأصنام (أم كيف تجعلون الأنبياء أصناماً؟) من شأن أهل الباطل وأشباههم نسبتهم مَن نَزَّل الصالحين منازلَهم أن يقولوا: تنقصوهم وهضموهم. وفي الحقيقة هم الناقصون المنتقِّصون للرسل وأرادوا أن يُعطَوْا باطلاً. وأهل الحق نزلوهم منازلهم الحق اللائقة بهم وما جاءوا به، ولا زادوا ولا نقصوا؛ أعطوهم حقهم الواجب ونزَّهوهم عما لا يصلح