للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الشبهة السابعة: أن الالتجاء إلى الصالحين ليس بشرك فليس مشركا بذلك]

...

فإن قال: أنا لا أشرك بالله شيئاً، حاشا وكلاَّ، ولكن الالتجاء إلى الصالحين ليس بشرك.

ــ

(أتقول إن الله أعطاهم الشفاعة فاطلبها منهم) يعني مقتضى قوله النبي صلى الله عليه وسلم أعطي الشفاعة وأنا أطلبها منه يدلد على ذلك (فإن قلت هذا رجعت إلى عبادة الصالحين التي ذكرها الله في كتابه) فإنها ليست أكثر من طلبهم منهم الشفاعة والذبح لهم لقصد تقريبهم إلى الله وطلب شفاعتهم لا غير كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} الآية١.

(وإن قلت لا) أطلبها منهم ولو أعطوها (بطل قولك أعطاه الله الشفاعة وأنا اطلبه مما أعطاه الله) واتضح لك أن كون شخص أُعطِيها لا يدل على أنه يعطيها من سألها، وَلَلَزِمَ من ذلك أن يكون كلُ من طلب الشفاعة يعطي إياها من سأله، ولَفسدت الشرائع، فدلّ على أن إعطاءه الشفاعة مقيد وليس دالاً على أنها تُطلب منه، ولو كانت تطلب منه لكان الصحابة أول من يطلبها منه؛ بل أنكر زين العابدين على مَن أتى إلى فرجة كانت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيدخل فيها فيدعو. وحينئذ انكشفت شبهته، واندحضت حجته، وتبيَّن لك ذلك جهلُه وضلاله.

(فإن قال: أنا لا أشرك بالله شيئاً، حاشا وكلا، ولكن الالتجاء إلى الصالحين ليس بشرك) يعني نفي عن نفسه الشرك (فقل له) مجيباً بالاستفصال والتحدي حتى تنكشف شبهته (إذا كنت تقر أن الله حرم الشرك أعظم من تحريم الزنا، وتقر أن الله لا يغفره) وهو لا يمكن أن يجحده (فما هذا الأمر الذي حرمه الله وذكر أنه لا يغفره؟)


١ سورة الزمر، الآية: ٣.

<<  <   >  >>