للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقل له: إذا كنت تقر أن الله حرَّم الشرك أعظم من تحريم الزنا، وتقر أن الله لا يغفره، فما هذا الأمر الذي حرمه الله وذكر أنه لا يغفره؟ فإنه لا يدري، فقل له: كيف تبرِّيء نفسك من الشرك وأنت لا تعرفه؟ كيف يحرم الله عليك هذا ويذكر أنه لا يغفره ولا تسأل عنه ولا تعرفه؟! أتظن أن الله يحرمه ولا يبينه لنا.

فإن قال: الشرك عبادة الأصنام ونحن لا نعبد الأصنام، فقل له: ما معنى عبادة الأصنام؟ أتظن أنهم يعتقدون أن تلك

ــ

يعني: فسِّر لي حقيقة الشرك بالله، يعني وما معنى عبادة الله (فإنه لا يدري) عن الشرك ولا عن التوحيد إذا طلبت منه بيان هذا وهذا، وَقف فأين هذا من التوحيد؟ (فقل له: كيف تبرئ نفسك من الشرك وأنت لا تعرفه؟) فإن الحكم على الشيء نفياً وإثباتاً لابد أن يكون بعد العلم والتصور؛ فلا عرفت الشرك حتى تنفيه ولا عرفت التوحيد حتى تثبته (كيف يحرم الله عليك هذا ويذكر أنه لا يغفره ولا تسأل عنه ولا تعرفه؟) عدم معرفتك له وعدم مبالاتك به يدل على أنك لا تعرف دينك وأنك لست من التدين في شيء، صادٌ غافل مُعرِض عن الدين ومعرفته، فحقُّك السكوت، ولأي شيء تتكلم (أتظن أن الله يحرمه ولا يبينه لنا) فإن ظن ذلك فقد ضل ضلالا أعظم من ضلاله الأول وأضاف إلى ذلك كفراً آخر. وإنما صدر منه ذلك لأنه كان فيه، وغمره واستحكم عليه ولا درى أنه في الشرك؛ فإن الله قد بيَّن لنا الدقيق والجليل وأكمل لنا الدين.

(فإن قال: الشرك عبادة الأصنام ونحن لا نعبد الأصنام)

<<  <   >  >>