للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد يكون لأعداء التوحيد علومٌ كثيرة وكتب وحجج كما قال تعالى: {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ} .

ــ

والشياطين هم الذين فيهم تمرُّد وعلو، قال بعضهم إنه بدأ بشياطين الإنس لأنهم أعظم في هذا المقام من شياطين الجن؛ لأن شيطان الإنس يأتي في صورة ناصح مُحب لَيِّن الجانب واللسان، ثم بيَّن الذي به يصدفون عن الحق فقال: {يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً} فتبين لك أن تزييف القول بالعبارة له تأثير، وأن الحق قد يعرض له من يجعله في صورة الباطل كما قال الشاعر:

في زخرف القول تحسينٌ لباطله ... والحق قد يعتريه سوءُ تعبير

تقول هذا مجاج النحل تمدحه ... وإن شئت قلت هذا قيء الزنابير

مدحاً وذماً وما جاوزت وصفهما ... والحق قد يعتريه سوء تعبير١

{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} لكنه جعلهم ابتلاء وامتحاناً ليتبين المجاهد من القاعد والصابر من غير الصابر والمجد من المخلد {فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} ٢، وهذا وعيد شديد وتهديد وتغليظ.

(وقد يكون لأعداء التوحيد علوم كثيرة) لُغوية (وكتب)


١ قال ابن القيم رحمه الله: والزخرف الكلام المزيَّن كما يزين الشيء بالزخرف وهو الذهب، وهو الغرور لأنه يغر المستمع. والشبهاتُ المعارضة للوحي هي كلام زخرف يغر المستمع {وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ} الآية. فانظر إلى إصغاء المستجيبين لهؤلاء ورضاهم بذلك واقترافهم المترتب عليه (اهـ. الصواعق ص ١٠٤١) .
٢ سورة الأنعام، الآية: ١١٢.

<<  <   >  >>