فمَن فهِم هذه المسألة التي وضَّحها الله في كتابه؛ وهي أن المشركين الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعون الله تعالى ويدعون غيره في الرخاء، وأما في الضر والشدة فلا يدعون إلا الله وحده لا شريك له، وينسون سادتهم، تبيَّن له الفرق بين شرك أهل زماننا وشرك الأولين.
ولكن أين من يفهم قلبُه هذه المسألة فهماً جيداً راسخاً، والله المستعان.
ــ
في الرخاء يشركون وفي الشدة يخلصون؛ في الشدة لا يدعون إلا الله وحده لا شريك له، وأما في زماننا فشركُهم في الحالتين جميعاً، بل إذا كانوا في الشدة نسوا الله بالكلية ولهجوا بمعبوداتهم من دون الله، والعياذ بالله. فأهلُ زماننا إذا ركبوا في البحر وتلاطمت عليهم الأمواج لهجوا بمن يدعونه من دون الله؛ سواء كان من الأموات أو غيرهم، هذا يقول: يا متبولي، يا عيدروس، يا بدوي، يا عبد القادر، يا علي، يا حسين، يا فلان، أين شرك هؤلاء من شرك الأولين؟ بين الشركين فرقٌ بعيد، بل مشركو زماننا زادوا في شركهم بفنونٍ زادوها وضُرُوبٍ جدَّدها.
ثم قال المصنف:(فمن فهم هذه المسألة التي وضَّحها الله في كتابه) حقيقة الفهم، وفَهِم عن الله ورسوله، وسَلِمَ من التعصب والهوى، وسلم من الجهل (وهي أن المشركين الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعون الله تعالى ويدعون غيره في الرخاء وأما في الضر والشدة فلا يدعون إلا الله وحده لا شريك، له وينسون سادتهم،