وقال في موضع آخر: "غير أنَّ الله أبى أن يكون الحق والعقيدة الصحيحة إلا مع أهل الحديث والآثار، لأنهم أخذوا دينهم وعقائدهم خلفاً عن سلف وقرناً عن قرن إلى أن انتهوا إلى التابعين، وأخذه التابعون عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا طريق إلى معرفة ما دعا إليه رسول الله صلى الله وسلم عليه وعلى آله الناس من الدِّين المستقيم والصراط القويم إلا هذا الطريق الذي سلكه أصحاب الحديث، وأما سائر الفرق فطلبوا الدِّين لا بطريقه لأنهم رجعوا إلى معقولهم وخواطرهم وآرائهم، فطلبوا الدِّين من قِبَلِهِ، وإن لم يستقم في ميزان عقولهم ردُّوه، فإن اضطروا إلى قبوله حرَّفوه بالتأويلات البعيدة والمعاني المستكرهة، فحادوا عن الحقِّ، وزاغوا عنه، ونبذوا الدِّين وراء ظهورهم.
وأما أهل الحق فجعلوا الكتاب والسُنَّة أمامهم وطلبوا الدِّين من قِبَلِهِمَا، وما وقع لهم من معقولهم وخواطرهم عرضوه على الكتاب والسُنَّة فإن وجدوه موافقاً لهما قَبِلُوهُ،