الجلاله من قوله تعالى:{فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} ، ومثل الوقف على {يَسْتَحْي} من قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} ، وهذا لا يجوز بحال إنما يكون الوقف على {فَمَا فَوْقَهَا} ، ولا يخفى ما في ذلك من فساد المعنى وسوء الأدب مما هو ظاهر لا يصح التَّفَوُّه به، وأقبح من هذا وأشنع الوقف على المنفي الذي بعده الإيجاب، وفي هذا الإيجاب وصف لله تعالى أو لرسله عليهم الصلاة والسلام، وذلك نحو الوقف على:{إله} من قوله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّه} ، وقوله:{وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ اللَّه} والقبح في هذا لا يصح التَّفَوُّه به أيضا، وصور ذلك شتى لا يسمح المقام لذكرها، والأصل في الوقف القبيح من السنة المطهرة ما ذكره الحافظ ابن الجزري بسنده المتصل إلى عدي بن حاتم، قال عدي بن حاتم: جاء رجلان إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فتشهد أحدهما فقال: من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما، ووقف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قم أو اذهب بئس الخطيب أنت" ١.
قالوا: وهذا دليل على أنه لا يجوز القطع على القبيح أو الوقوف عليه؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كره منه ذلك، وقال له:"قم بئس الخطيب أنت" لأنه جمع بين حال من أطاع الله ورسوله، ومن عصى ففسد بذلك المعنى، والأولى أنه كان يقف على رشد ثم يقول: ومن يعصهما فقد غوى.
١ صحيح مسلم، وأبو داود، وقد خرجه الحافظ ابن الجزري.