للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اختلفوا في تعليل هذه التسمية فقيل: كان يتغنى بشعره، أو لكثرة ما غنت العرب في شعره أو لجودة شعره ولحسن إلقائه، وقد كانت العرب تقول لمن أجاد إلقاء الشعر: هو صناجة الشعر، وقد عرف في العصر الأموي بحسن الإنشاد: وضاح اليمن، وقد كان من أجمل الناس وجها، وأطرفهم وأخفهم شعرا، وقال الفرزدق لعباد بن العنبري: انشادك يزين الشعر في فهمي.

شعراء لا يلقون أشعارهم:

إن كان الأصل أن يلقي الشاعر شعره إلا أن المتأمل في أخبار الشعراء يجد أنه لم يخلُ عصر من شعراء نابهين مجودين في كتابة الشعر، ولكنهم قعدوا عن إنشاد شعرهم لسبب ما: كآفة لسانية أوكبر في السن، أو الحياء، أو غير ذلك، ومن هؤلاء الشعراء: أبو عطاء السندي١، وكانت في لسانه عجمة شديدة، ولثغة جعلتاه لا يكاد يُبِين، وكان الكُمَيت طويلا أصم، ولم يكن حسن الصوت، ولا جيد الإنشاد، فكان إذا استنشده إنسان، أمر ابنه: المستهل، فأنشد بدله٢.

وكانت في أبي تمام حبسة شديدة وتمتمة، وقد حدث أنه امتدح أبا دلف العجلي، وكان في المجلس من يكره أبا تمام، فلما افتتح قصيدته المشهورة:

عَلى مِثلِها مِن أَربُعٍ وَمَلاعِبِ ... أُذيلَت مَصوناتُ الدُموعِ السَواكِبِ

قال الرجل: لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، فدهش أبو تمام،


١ شاعر من مخضرمي الدولتين: الأموية والعباسية.
٢ الشعراء وإنشاد الشعر، ص: ٥٧، ٥٨.

<<  <   >  >>