للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قِفا نَبكِ مِن ذِكرى حَبيبٍ وَمَنزِل ... بِسِقطِ اللِّوى بَينَ الدَّخولِ فَحَومَلِ

ثم قال:

أَلا أَيُّها اللَيلُ الطَّويلُ أَلا اِنجَلي ... بِصُبحٍ وَما الإِصباحُ مِنكَ بِأَمثَلِ

والتصريع في حقيقة ليس إلا ضرب من الموازنة والتعادل بين العروض والضرب يتولد منه جرس موسيقى.

وهو لذلك من أمس الحلى البديعية بالشعر، وأقربها إليه نسبيًّا وأوثقها به صلة وإنك لتهش لقول المتنبي إذا يقول:

مَغاني الشَّعبِ طيبًا في المَغاني ... بِمَنزِلَةِ الرَّبيعِ مِنَ الزَمانِ

فهذا التصريع الذي يشبه مقدمة موسيقية خفيفة قصيرة تلهب إحساسنا وتهيئنا لاستماع قصيدته وتدلنا على القافية التي اختارها، وتدل على براعة المطلع، وبراعة الاستهلال وقد كان ابن العميد يقول: إن حسن الشعر في المطلع والمقطع.

حسن المطلع:

فأما حسن الابتداء، فهو أول ما يقرع أذن السامع، فينشرح له صدره وتهتز له نفسه ويشعر له بأريحية وبهجة فيتشوق لما يأتي بعده وينساق إلى الإصغاء إليه طواعية واختيارًا، ولاسيما إذا كان الافتتاح مصورًا لجو القصيدة مترجمًا عنها، وقد أحسن من يلقيه أداءه، وأحس بما فيه من روعة وبراعة في الاستهلال.

ومن المطلع الحسن قول امرئ القيس:

قِفا نَبكِ مِن ذِكرى حَبيبٍ وَمَنزِل ... بِسِقطِ اللِّوى بَينَ الدَّخولِ فَحَومَلِ

<<  <   >  >>