الروي بحركة، وقد يسبقه بسكون، مثل ما حدث في هذه القصيدة والتزام ذلك في الإلقاء أمر ضروري؛ لأنه جزء من الوزن ونظام توالي المقاطع، والتزام الشاعر بحركة بعينها قبل الروي مما يكسب القافية نغمًا موسيقيًا وقد يسبق الروي حركة قصيرة مثل الفتحة أو الكسرة أو الضمة، وقد يسبق الروي حرف من حروف المد أي: حركة طويلة، والالتزام بالقافية الواحدة كانت عادة الشعراء الأقدمين ولا تزال عادة المحدثين منهم، إلا أن بعض الشعراء في العصر العباسي حين ازدهرت ألوان الغناء وتعددت الأنغام، أصبحت تتطلب من الشاعر نوعًا من الشعر تعددت فيه القوافي وتنوعت، وكذلك الأوزان قد تتعدد في القصيدة الواحدة، وظهر ذلك في عصرنا هذا من تنوع القافية والوزن في شعراء المهجر وغيرهم بصورة واضحة.
وفي عصرنا هذا قلت بعناية بإلقاء الشعر إلا في القليل من المحافل والجمعيات الأدبية، وقد كان لتدوين الشعر وانتشار القراءة بين الناس أثره مما أفقد إلقاء الشعر شيئًا من جماله، وذلك لأن إلقاء الشعر يبعث فيه حياة ويبعث فيه متعة وحلاوة فلا تكاد الأذن تسمعه حتى تصل حلاوته إلى القلوب.
ومن الناس من يقرأ الشعر كما يقرأ النثر غير مدرك لما فيه من متعة وجمال وموسيقى فيفقد الشعر منزلته.
وقد عاد للإنشاد شيء كثير من قدره ومنزلته في النفوس منذ انتشار الإذاعة، وأصبحنا الآن نستمع أحيانًا بكل ما في الشعر من عناصر الجمال، وأصبح الشاعر الذي صب في شعره خلاصة روحه يلقي في قلوبنا وأفئدتنا -وهو ينشد علينا هذا الشعر- بعضًا من أحساسيسه الدقيقة وإلهاماته اللطيفة ولم يعد سماع الإنشاد مقصورًا على أولئك