للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَمِن آلِ مَيَّةَ رائِحٌ أَو مُغتَدِ ... عَجلانَ ذا زادٍ وَغَيرَ مُزَوَّدِ

فقد جعل الكسرة هي حركة الروي في أبيات القصيدة إلا في بيت قال فيه:

زَعَمَ البَوارِحُ أَنَّ رِحلَتَنا غَداً ... وَبِذاكَ خَبَّرَنا الغُدافُ الأَسوَدُ

فقد جاء الروي بالضم عل الدال في كلمة الأسود باعتبارها صفة للغداف، ويرى الدكتور إبراهيم أنيس أن هذا خطأ يقع من الرواة وعندي أنه لو صحت مثل هذه الرويات، يجب أن تعد خطأ نحويًّا لا خطأ شعريًّا، فالشاعر صاحب الأذن الموسيقية والحريص على موسيقى القافية لا يعقل أن يزل في مثل هذا الواضح الذي يدركه المبتدئون في قول الشعر، بل النابغة وأمثاله من شعراء فحول، والذي أرجحه أن النابغة قد نطق البيت صحيحًا وكسر الدال فيه لينجسم مع باقي أبيات القصيدة من الناحية الموسيقية١.

فالبارودي يقول في قصيدته:

تَرَحَّلَ مِنْ وَادِي الأَرَاكَةِ بِالْوَجْدِ ... فَبَاتَ سَقِيماً لا يُعِيدُ وَلا يُبْدِي

سَقِيماً تَظَلُّ الْعَائِدَاتُ حَوَانِياً ... عَلَيْهِ بِإِشْفَاقٍ وَإِنْ كَانَ لا يُجْدِي

يَخَلْنَ بِهِ مَسَّاً أَصَابَ فُؤَادَهُ ... وَلَيْسَ بِهِ مَسٌّ سِوَى حُرَقِ الْوَجْدِ

فالروي في هذه القصيدة هو الدال محرك بالكسرة ومسبوق بالسكون وهذا السكون ملتزم في كل القصيدة، فالشاعر قد يسبق


١ موسيقى الشعر، ص: ٢٥٩.

<<  <   >  >>