الحديثان هما أصل التهليلات العشر بعد صلاة الصبح والمغرب، وهما حجة على استحباب هذه التهليلات، ولهذا استحبها العلماء، وذكروها في الأذكار المستحبة دبر الصلاة، وأن المصلي يهلل بهن دبر صلاة الفجر وصلاة المغرب.
(المأثور في الأذكار عقب الصلاة ورفع الصوت بها)
وأما قول السائل: هل كان هذا من هديه صلى الله عليه وسلم أو فعله أصحابه؟ فهذا لم يبلغنا من فعله – صلى الله عليه وسلم-، والذي ثبت عنه الترغيب في ذلك، ويترتب الأجر العظيم على فعله، وذلك كاف في استحبابه. وهذا له نظائر كثيرة في السنة: فإذا وردت الأحاديث بالحث على شيء من العبادات ورغب فيه الشارع ثبت أنها مستحبة، وإن لم يرد عن النبي – صلى الله عليه وسلم- أنه فعلها لم تستحب. ومن تأمل الأحاديث عرف ذلك، وليس في هذا اختلاف بين العلماء، وإنما الخلاف بينهم في استحباب رفع الصوت بالذكر عقب الصلاة المكتوبة، لأنه قد ثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس:"أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم " ١.
قال ابن عباس: كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك، يعني بالجهر. ولهذا اختلف العلماء، هل الأصل الإسرار كما هو المشهور عند أتباع الأئمة؟ أم الجهر أفضل لهذا الحديث الصحيح؟ قال في الفروع: وهل يستحب الجهر لذلك كقول بعض السلف والخلف، وقاله شيخنا، أم لا؟ كما ذكره أبو الحسن بن بطال وجماعة، وأنه قول أهل المذاهب المتبوعة وغيرهم، وظاهر كلام أصحابنا مختلف، ويتوجه تخريج واحتمال يجهر لقصد التعليم فقط، ثم يتركه، وفاقا للشافعي، وحمل الشافعي خبر ابن عباس على هذا. انتهى
١ البخاري: الأذان (٨٤١) , ومسلم: المساجد ومواضع الصلاة (٥٨٣) , وأبو داود: الصلاة (١٠٠٣) , وأحمد (١/٣٦٧) .