قطف الجنى الداني شرح مقدِّمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني
تأليف: عبد المحسن بن حَمَد العبَّاد البدر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله ربِّ العالمين، الرَّحمن الرَّحيم، مالكِ يوم الدِّين، وأشهدُ أن لا إله إلاَّ اللهُ وحده لا شريك له، إلهُ الأوّلِين والآخِرِين، وقيُّومُ السَّموات والأرَضِين، وأشهدُ أنَّ محمّداً عبدُه ورسولُه، سيِّدُ المرسلِين، وإمامُ المتّقين، وقائدُ الغُرِّ المحجَّلين، المبعوث رحمةً للعالمين، صلّى اللهُ وسلّم وبارك عليه، وعلى آله الطيّبين الطّاهرين، وأصحابِه الغُرِّ الميامين، الذين حفظ اللهُ بهم المِلَّةَ، وأظهر الدّين، وعلى مَن اتَّبعهم بإحسانٍ وسار على نهجهم إلى يوم الدّين.
أمَّا بعد، فإنَّ عقيدةَ أهل السنَّة والجماعة تمتازُ بالصّفاءِ والوضوحِ والخلوِّ مِن الغموض والتعقيد، وهي مستمدَّةٌ مِن نصوصِ الوحي كتاباً وسنَّةً، وكان عليها سلفُ الأمّة، وهي عقيدةٌ مطابقةٌ للفطرة، ويقْبَلُها العقلُ السليمُ الخالي مِن أمراضِ الشُّبهات، وذلك بخلاف العقائد الأخرى المتلقَّاةِ مِن آراء الرِّجال وأقوالِ المتكلِّمين، ففيها الغموضُ والتعقيدُ والخبطُ والخلط، وكيف لا يكون الفرقُ كبيراً والبَونُ شاسعاً بين عقيدةٍ نزل بها جبريلُ مِن الله إلى رسولِه الكريم صلى الله عليه وسلم وبين عقائد متنوِّعة مختلفة خرج أصحابُها المبتدعون لها مِن الأرض، وخلقهم اللهُ من ماءٍ مهينٍ.
فعقيدةُ أهل السنَّة والجماعة بَدَتْ وظهرتْ مع بعثة النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ونزولِ الوحي عليه مِن ربِّه تعالى، وسار عليها الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابُه الكرام ومَن