للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني]

...

أوَّلُ الشَّرح

١ قوله: "باب ما تنطق به الألسنةُ وتعتقدُه الأفئدة من واجب أمور الديانات، من ذلك الإيمانُ بالقلب والنُّطقُ باللِّسان أنَّ الله إلَهٌ واحدٌ لا إله غيرُه، ولا شبيهَ له، ولا نَظيرَ له، ولا وَلَدَ له، ولا وَالِدَ له، ولا صاحبةَ له، ولا شريكَ له".

عقد ابنُ أبي زيد القيرواني – رحمه الله – هذا البابَ في مقدِّمة رسالته بالفقه؛ لأنَّه لَم يجعل التأليف في العقيدة مستقلاًّ، بل أتى به تحت هذا الباب في مقدِّمة رسالته، فصارت رسالتُه في الفقه، جمعت بين الفقهين: الفقه الأكبر، وهو ما يتعلَّق بالعقيدة التي لا مجال فيها للاجتهاد، وفقه الفروع، الذي فيه مجال للاجتهاد.

وما ذكره من التنصيص على قول اللِّسان واعتقاد القلب بين يدي هذه العقيدة؛ لأنَّ ما يُعتقدُ مطلوبٌ فيه أن يكونَ في القلب، وأن يكون على اللِّسان، ولا يُقال: إنَّه لم يذكر الأعمالَ، فيُشابه مرجئةَ الفقهاء؛ لأنَّه قد ذكر في هذه المقدِّمة أنَّ الإيمانَ يكون بالقلب واللِّسان والعمل.

وكلامُ ابن أبي زيد – رحمه الله – هذا مشتملٌ على إثبات ألوهية الله وحده، وعلى النفي لأمور سبعة، هي: نفيُ الإلَهية عن غيره، ونفيُ الشَّبيه، ونفيُ النَّظير، ونفيُ الولد، ونفيُ الصاحبة، ونفيُ الشريك.

فقوله: "أنَّ اللهَ واحدٌ لا إلَه غيره" مأخوذ من قوله تعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} ، وهو مشتملٌ على بيان أنَّ اللهَ

<<  <   >  >>