رأيتَ الرَّجلَ يدعو للسلطان بالصّلاح فاعلم أنَّه صاحبُ سنَّةٍ إن شاء الله، يقول فضيل بن عياض: لو كانت لي دعوةٌ ما جعلتُها إلاَّ في السلطان".
ثمَّ أسند إلى فضيل قولَه: "لو أنَّ لي دعوةً مستجابةً ما جعلتُها إلاَّ في السلطان، قيل له: يا أبا عليّ! فسِّرْ لنا هذا، قال: إذا جعلتُها في نفسي لم تعْدُنِي، وإذا جعلتُها في السلطان صلح، فصلح بصلاحه العبادُ والبلاد، فأُمرنا أن ندعوَ لهم بالصَّلاح، ولم نؤمر أن ندعو عليهم، وإن ظلموا وإن جاروا؛ لأنَّ ظلمَهم وجورَهم على أنفسهم، وصلاحَهم لأنفسهم وللمسلمين".
وقال الطحاوي في عقيدة أهل السنَّة والجماعة: "ولا نرى الخروجَ على أئمَّتِنا ووُلاة أمورنا وإن جاروا، ولا ندعو عليهم، ولا نَنْزِعُ يداً مِن طاعتهم، ونرى طاعتَهم مِن طاعة الله عزَّ وجلَّ فريضة، ما لم يأمروا بمعصيةٍ، وندعو لهم بالصّلاح والمعافاة". العقيدة مع شرحها لابن أبي العزّ (ص٥٤٠) .
وقال الشيخ أبو إسماعيل الصابوني في كتابه عقيدة السلف أصحاب الحديث (ص٩٢ ٩٣) : "ويرى أصحاب الحديث الجمعةَ والعيدين وغيرهما مِن الصلوات خلف كلِّ إمامٍ مسلمٍ، برًّا كان أو فاجرًا، ويرون جهادَ الكفرة معهم وإن كانوا جوَرَةً فجَرةً، ويرون الدعاءَ لهم بالإصلاح والتوفيق والصّلاح وبسط العدل في الرَّعيَّة".
٦ إذا حصل مِن وُلاة الأمر فسقٌ أو جَورٌ فلا يجوز الخروجُ عليهم؛ لأنَّه يترتَّب على الخروج عليهم مِنَ الفوضى والفساد أضعاف ما يحصل مِن الجور، ولا يجوز الخروجُ عليهم إلاَّ إذا حصل منهم كفرٌ واضحٌ بيِّنٌ، وقد دلَّ على ذلك سنَّةُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وعملُ السلف الصالح، ومِن ذلك ما